وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ والبلد الطيب يخرج نباته ﴾
آية متممة للمعنى الأول في الآية قبلها معرفة بعادة الله تعالى في إنبات الأرضين، فمن أراد أن يجعلها مثالاً لقلب المؤمن وقلب الكافر فذلك كله مرتب، لكن ألفاظ الآية لا تقتضي أن المثال قصد بذلك والتمثيل بذلك حكاه الطبري عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي، وقال النحاس : هو مثال للفهيم وللبليد، و﴿ الطيب ﴾ : هو الجيد التراب الكريم الأرض، وخص بإذن ربه مدحاً وتشريفاً، وهذا كما تقول لمن تغض منه، أنت كما شاء الله فهي عبارة تعطي مبالغة في مدح أو ذم ومن هذا قوله تعالى :﴿ فله ما سلف وأمره إلى الله ﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ] على بعض التأويلات، والخبيث هو السباخ ونحوهما من رديء الأرض، وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة وعيسى بن عمر " يُخْرِج نباتَه " بضم الياء وكسر الراء ونصب التاء، و" النكد " العسير القليل، ومنه قول الشاعر :[ المنسرح ]
لا تنجز الوعد إن وعدت وإن... أعطيت أعطيت تافهاً نكدا
ونكد الرجل إذا سأل إلحافاً وأخجل ومنه قول الشاعر :[ السريع ]
وأعط ما أعطيته طيباً... لا خير في المنكود والناكد
وقرأ جمهور الناس وجميع السبعة " نَكِداً " بفتح النون وكسر الكاف، وقرأ طلحة بن مصرف " نَكْداً " بتخفيف الكاف وفتح النون، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع " نَكَداً " بفتح النون والكاف، وقال الزجّاج : وهي قراءة أهل المدينة ﴿ كذلك نصرف الآيات ﴾ أي هكذا نبين الأمور، و﴿ يشكرون ﴾ معناه يؤمنون ويثنون بآلاء الله. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon