وقال الطيبي : ذكر ﴿ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ بعد ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [ الأعراف : ٥٧ ] من باب الترقي لأن من تذكر آلاء الله تعالى عرف حق النعمة فشكر، وهذا كما قال غير واحد مثل لمن ينجع فيه الوعظ والتنبيه من المكلفين ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك.
أخرج ابن المنذر وغيره عن ابن عباس أن قوله سبحانه وتعالى :﴿ والبلد الطيب ﴾ الخ مثل ضربه الله تعالى للمؤمنين يقول : هو طيب وعمله طيب والذي خبث الخ مثل للكافر يقول : هو خبيث وعمله خبيث.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أن هذا مثل ضربه الله تعالى لآدم عليه السلام وذريته كلهم إنما خلقوا من نفس واحدة فمنهم من آمن بالله تعالى وكتابه فطاب ومنهم من كفر بالله تعالى وكتابه فخبث.
أخرج أحمد والشيخان والنسائي عن أبي موسى قال : قال رسول الله ﷺ :" مثل ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله تعالى بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله تعالى ونفعه ما بعثني الله تعالى به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله تعالى الذي أرسلت به " وإيثار خصوص التمثيل بالأرض الطيبة والخبيثة استطراد عقيب ذكر المطر وإنزاله بالبلد وموازنة بين الرحمتين كما في "الكشف"، ولقربه من الاعتراض جىء بالواو في قوله سبحانه وتعالى :﴿ والبلد الطيب ﴾ وفيه إشارة إلى معنى ما ورد في "صحيح مسلم" عن عياض المجاشعي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال في خطبته عن الله عز وجل :" إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ".


الصفحة التالية
Icon