ومن فوائد صاحب المنار فى الآيتين :
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)
بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى جَدُّهُ أَنَّ رَحْمَتَهُ الْعَامَّةَ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ وَفِي سَائِرِ أَعْمَالِهِمْ، ذَكَّرَنَا بِمَا نَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرًا مِنَ التَّفَكُّرِ وَالتَّأَمُّلِ فِي أَظْهَرِ أَنْوَاعِ
هَذِهِ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ إِرْسَالُ الرِّيَاحِ وَمَا فِيهَا مِنْ مَنَافِعِ الْخَلْقِ، وَإِنْزَالِ الْمَطَرِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرُ الرِّزْقِ، وَسَبَبُ حَيَاةِ كُلِّ حَيٍّ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى الْبَعْثِ، وَمَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ، فَقَالَ :
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَ بِهِ تَعَالَى تَدْبِيرَهُ لِأَمْرِ الْعَالَمِ فِي إِثْرِ إِثْبَاتِهِ لِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاسْتِوَائِهِ عَلَى الْعَرْشِ، فِي قَوْلِهِ :
(يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ) إِلَخْ. وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِرَاضِ الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ، مِنَ التَّذْكِيرِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ، وَهُوَ إِخْلَاصُ الْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ بِالْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ مَا حَرَّمَهُ الْإِسْلَامُ.


الصفحة التالية
Icon