وَإِنْ وَنَتْ رُعُودُهُ حَدَا بِهَا حَادَى الْجَنُوبِ فَحَدَتْ كَمَا حَدَا
وَيَخْتَلِفُ تَأْثِيرُ الرِّيَاحِ فِي الْأَقْطَارِ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا مِنْهَا. فَالصَّبَا وَالْجَنُوبُ لَا يَأْتِيَانِ بِالْمَطَرِ فِي الْقُطْرِ الْمِصْرِيِّ لِأَنَّ مَهَبَّهُمَا الصَّحَارِي الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا وَلَا نَبَاتَ، وَإِنَّمَا تَأْتِي بِهِ الشَّمَالُ وَالدَّبُورُ لِأَنَّ مَهَبَّهُمَا مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ الْمُتَوَسِّطِ فَيَحْمِلَانِ بُخَارَ الْمَاءِ مِنْهُ وَمِنَ الْأَرَاضِي الزِّرَاعِيَّةِ، وَأَكْثَرُهَا فِي الْوَجْهِ الْبَحْرِيِّ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ دِيَارُ الشَّامِ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يُثِيرُ سَحَابَ الْمَطَرِ فِيهَا الدَّبُورُ (الْغَرْبِيَّةُ) فَإِذَا هَبَّتِ الصَّبَا (الشَّرْقِيَّةُ) وَغَلَبَتِ انْقَشَعَ السَّحَابُ وَخَفَّتْ رُطُوبَةُ
الْجَوِّ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ الْقِرَاءَتَيْنِ أَنَّ الرِّيحَ الْوَاحِدَةَ تُبَشِّرُ بِالْمَطَرِ أَحْيَانًا أَوْ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ كَمَا تُبَشِّرُ بِهِ رِيحَانِ فِي قُطْرٍ آخَرَ، أَوْ أَنَّ الرِّيَاحَ بِأَنْوَاعِهَا تُبَشِّرُ بِالْمَطَرِ فِي الْأَقْطَارِ الْمُخْتَلِفَةِ، عَلَى أَنَّ الرِّيحَ يُرَادُ بِهَا عِنْدَ إِطْلَاقِهَا الْجِنْسُ.


الصفحة التالية
Icon