(حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا) قَالَ فِي الْأَسَاسِ : وَأَقَلَّهُ وَاسْتَقَلَّ بِهِ رَفَعَهُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ وَكُلُّ شَيْءٍ حَمَلْتَهُ فَقَدْ أَقْلَلْتَهُ، وَأَقْلَلْتُهُ عَنِ الْأَرْضِ رَفَعْتُهُ أَيْضًا، قِيلَ : إِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقِلَّةِ بِالْكَسْرِ لِقَوْلِهِمْ أَقَلَّهُ وَاسْتَقَلَّهُ أَيْ وَجَدَهُ قَلِيلًا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ : أَقَلَّ الْقُلَّةَ - وَهِيَ بِالضَّمِّ الْجَرَّةُ - فَإِنَّمَا سُمِّيَتْ قُلَّةً لِأَنَّ الرَّجُلَ يُقِلُّهَا أَيْ يَحْمِلُهَا أَوْ يَرْفَعُهَا بِيَدَيْهِ عَنِ الْأَرْضِ، وَالسَّحَابُ الْغَيْمُ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدٍ بِالتَّاءِ فَيُقَالُ سَحَابَةٌ وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَيُفْرَدُ وَصْفُهُ وَيُجْمَعُ، وَالثِّقَالُ مِنْهُ الْمُتَشَبِّعَةُ بِبُخَارِ الْمَاءِ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ الرَّبَّ الْمُدَبِّرَ لِأُمُورِ الْخَلْقِ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ، لِعِبَادِهِ بِالْمَطَرِ، أَيْ قُدَّامَهَا مُبَشِّرَاتٍ بِهَا وَنَاشِرَاتٍ لِأَسْبَابِهَا حَتَّى إِذَا حَمَلَتْ سَحَابًا ثِقَالًا وَرَفَعَتْهُ فِي الْهَوَاءِ (سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) أَيْ سَيَّرْنَاهُ وَسُقْنَاهُ بِهَا إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ أَيْ أَرْضٍ لَا نَبَاتَ فِيهَا، فَإِنَّمَا حَيَاةُ الْأَرْضِ بِالنَّبَاتِ الْحَيِّ فِيهَا " فَاللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى " كَمَا فِي آيَةِ فَاطِرٍ (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ٣٥ : ٩)