إِلَى مَاءٍ بِتَبْرِيدِهَا لَهُ - فَبِذَلِكَ يَصِيرُ الْبُخَارُ مَاءً أَثْقَلَ مِنَ الْهَوَاءِ فَيَسْقُطُ مِنْ خِلَالِهِ إِلَى الْأَرْضِ بِحَسَبِ سُنَّةِ اللهِ فِي جَاذِبِيَّةِ الثِّقْلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الرُّومِ :(اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ) (٣٠ : ٤٨) وَفِي سُورَةِ النُّورِ :(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ) (٢٤ : ٤٣) الْوَدْقُ : الْمَطَرُ، أَيْ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِ السَّحَابِ وَأَثْنَائِهِ وَكُلُّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ إِنْزَالِ الْمَاءِ مِنَ السَّمَاءِ فَمُرَادٌ بِالسَّمَاءِ فِيهِ السَّحَابُ لِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَالسَّمَاءُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا عَلَا الْإِنْسَانَ وَيُفَسَّرُ بِالْقَرَائِنِ، وَمِنَ الْخَطَإِ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْمَعْنَوِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَسْكَنُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى السَّحَابِ الَّذِي هُوَ كَالْغِرْبَالِ لَهَا وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْمُؤَلِّفِينَ ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ يُصَرِّحُ بِخِلَافِهِ، وَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَهُوَ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْعِلْمُ وَالِاخْتِبَارُ ؛ فَإِنَّ سُكَّانَ الْجِبَالِ الشَّامِخَةِ يَبْلُغُونَ فِي تَوْقِهَا السَّحَابَ الْمُمْطِرَ ثُمَّ يَتَجَاوَزُونَهُ إِلَى مَا فَوْقَهُ فَيَكُونُ دُونَهُمْ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السَّحَابَ سَمَاءً تَسْمِيَةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ أُطْلِقَتْ لَفْظُ السَّمَاءِ عَلَى الْمَطَرِ نَفْسِهِ، فَكَانَتْ تَقُولُ : جَاءَ مَكَانَ كَذَا فِي إِثْرِ سَمَاءٍ، وَقَالَ الشَّاعِرُ