ثم قال :﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلّ الثمرات﴾ الكناية عائدة إلى الماء، لأن إخراج الثمرات كان بالماء.
قال الزجاج : وجائز أن يكون التقدير فأخرجنا بالبلد من كل الثمرات، لأن البلد ليس يخص به هنا بلد دون بلد، وعلى القول الأول، فالله تعالى إنما يخلق الثمرات بواسطة الماء.
وقال أكثر المتكلمين : إن الثمار غير متولدة من الماء، بل الله تعالى أجرى عادته بخلق النبات ابتداء عقيب اختلاط الماء بالتراب، وقال جمهور الحكماء : لا يمتنع أن يقال إنه تعالى أودع في الماء قوة طبيعية، ثم إن تلك القوة الطبيعية توجب حدوث الأحوال المخصوصة عند امتزاج الماء بالتراب وحدوث الطبائع المخصوصة.
والمتكلمون احتجوا على فساد هذا القول، بأن طبيعة الماء والتراب واحدة.
ثم إنا نرى أنه يتولد في النبات الواحد أحوال مختلفة مثل العنب فإن قشره بارد يابس، ولحمه وماؤه حار رطب، وعجمه بارد يابس، فتولد الأجسام الموصوفة بالصفات المختلفة من الماء والتراب، يدل على أنها إنما حدثت بإحداث الفاعل المختار لا بالطبع والخاصة.
ثم قال تعالى :﴿كذلك نُخْرِجُ الموتى﴾ وفيه قولان : الأول : أن المراد هو أنه تعالى كما يخلق النبات بواسطة إنزال الأمطار، فكذلك يحيي الموتى بواسطة مطر ينزله على تلك الأجسام الرميمة.
وروي أنه تعالى يمطر على أجساد الموتى فيما بين النفختين مطراً كالمني أربعين يوماً، وإنهم ينبتون عند ذلك ويصيرون أحياء.
قال مجاهد : إذا أراد الله أن يبعثهم أمطر السماء عليهم حتى تنشق عنهم الأرض كما ينشق الشجر عن النور والثمر، ثم يرسل الأرواح فتعود كل روح إلى جسدها.