ومعنى ﴿ بين يدي رحمته ﴾ أمام نعمته وهو المطر الذي هو من أجلّ النعم وأحسنها أثراً والتعيين عن إمام الرحمة بقوله ﴿ بين يدى ﴾ من مجاز الاستعارة إذ الحقيقة هو ما بين يدي الإنسان من الإحرام وقال الكرماني : قال هنا ﴿ يرسل ﴾ لأنّ قبل ذلك ﴿ وادعوه خوفاً وطمعاًَ ﴾ فهماً في المستقبل فناسبه المستقبل وفي الفرقان وفاطر ﴿ أرسل ﴾ لأن قبله ﴿ ألم ترَ إلى ربك كيف مدّ الظل ﴾ وبعده ﴿ وهو الذي مرح ﴾ وكذا في الروم ﴿ ومن آياته أن يرسل ﴾ ليوافق ما قبله من المستقبل وفي فاطر قبله ﴿ الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة ﴾ وذلك ماضٍ فناسبه الماضي انتهى ملخصاً.
﴿ حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميت ﴾.
هذه غاية لإرسال الرّياح والمعنى أنه تعالى يرسل الرّياح مبشرات أو مبشرات إلى سوق السّحاب وقت إقلاله إلى بلد ميت والسحاب اسم جنس بينه وبين مفرده تاء التأنيث فيذكر كقوله ﴿ والسحاب المسخر ﴾ كقوله ﴿ يزجي سحاباً ثم يؤلّف بينه ﴾ ويؤنث ويوصف ويخبر عنه بالجمع كقوله ﴿ وينشئ السحاب الثقال ﴾ وكقوله ﴿ والنّخل باسقات ﴾ وثقله بالماء الذي فيه ونسب السّوق إليه تعالى بنون العظمة التفافاً لما فيه من عظيم المنة وذكر الضمير في ﴿ سقناه ﴾ رعياً للفظ كما قلنا إنه يذكر.
وقال السدّي يرسل تعالى الرياح فتأتي السحاب من بين الخافقين طرف السماء والأرض حيث يلتقيان فيخرجه من ثم ثم ينتشر ويبسطه في السماء وتفتح أبواب السماء ويسيل الماء على السحاب ثم يمطر السحاب بعد ذلك قال وهذا التفصيل لم يثبت عن النبي ﷺ انتهى.


الصفحة التالية
Icon