وأهل اللغة كالجوهري وغيره تسميه جمعاً فلذا روعي فيه الوجهان في وصفه وضميره، وجاء في الجمع سحب وسحائب ﴿ ثِقَالاً ﴾ من الثقل كعنب ضد الخفة يقال : ثقل ككرم ثقلاً وثقالة فهو ثقيل، وثقل السحاب بما فيه من الماء ﴿ سقناه لِبَلَدٍ مَّيّتٍ ﴾ أي لأجله ومنفعته أو لإحيائه أو لسقيه كما قيل.
وفي "البحر" أن اللام للتبليغ كما في قلت لك، وفرق بين سقت لك مالاً وسقت لأجلك مالاً بأن الأول : معناه أوصلت لك ذلك وأبلغتكه.
والثاني : لا يلزم منه وصوله إليه، والبلد كما قال الليث كل موضع من الأرض عامر أو غير عامر خال أو مسكون والطائفة منه بلدة والجمع بلاد، وتطلق البلدة على المفازة ومنه قول الأعشى
: وبلدة مثل ظهر الترس موحشة...
للجن بالليل في حافاتها زجل
﴿ فَأَنزَلْنَا بِهِ الماء ﴾ أي بالبلد أو السحاب كما قال الزجاج وابن الأنباري أو بالسوق أو الرياح كما قيل، والتذكير بتأويل المذكور وكذلك قوله تعالى :﴿ فَأَخْرَجْنَا بِهِ ﴾ ويحتمل أن يعود الضمير إلى الماء وهو الظاهر لقربه لفظاً ومعنى، ومطابقة النظائر وانفكاك الضمائر لا بأس به إذا قام الدليل عليه وحسن الملاءمة.
وإذا كان للبلد فالباء للظرفية في الثاني وللإلصاق في الأول لأن الإنزال ليس في البلد بل المنزل، وجوز الظرفية أيضاً كما في رميت الصيد في الحرم على ما علمت فيما مر، وإذا كان لغيره فهي للسببية وتشمل القريبة والبعيدة.
﴿ مِن كُلّ الثمرات ﴾ أي من كل أنواعها لأن الاستغراق غير مراد ولا واقع، وهذا أبلغ في إظهار القدرة المراد، وقيل : إن الاستغراق عرفي والظاهر أن المراد التكثير، وجوز بعضهم أن تكون ﴿ مِنْ ﴾ للتبعيض وأن تكون لتبيين الجنس.


الصفحة التالية
Icon