﴿ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ ﴾ أي : حملت :﴿ سَحَاباً ثِقَالاً ﴾ أي : من كثرة ما فيها من الماء :﴿ سُقْنَاهُ ﴾ أي : السحاب.
قال الشهاب : السحاب إسم جنس جمعي، يفرق بينه وبين واحده بالتاء، كتمر وتمرة، وهو يذكر ويؤنث ويفرد وصفه، ويجمع، وأهل اللغة تسميه جمعاً، فلذا روعي فيه الوجهان، في وصفه وضميره. انتهى.
أي : أرسلناه
مع أن طبعه الهبوط :﴿ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ ﴾ أي : لأجله ولمنفعته، أو لإحيائه أو لسقيه. و ميت، قرئ مشدداً ومخففاً ﴿ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء ﴾ أي : الضمير. والضمير في به للبلد :﴿ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾ أي : المختلفة الأنواع، مع أن ماءها واحد. والمراد بكل الثمرات، المعادة في كل بلد تخرج به على الوجه الذي أجرى الله العادة بها ودبرها.
والضمير في به، للماء أو لبلد ﴿ كَذَلِكَ ﴾ أي : مثل ذلك الإخراج ﴿ نُخْرِجُ الْموْتَى ﴾ أي : نحييها بعد صيرورتها رميماً يوم القيامة، ينزل الله سبحانه وتعالى ماء من السماء، فتمطر الأرض أربعين يوماً، فتنبت منه الأجساد في قبورها، كما ينبت الحب في الأرض :﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ أي : إنما وصفنا من هذا التمثيل لكي تتذكروا، من أحوال الثمرات التي أعيدت إلى حالها بعد تلفها، أحوال الآخرة، فتعلموا أن من قدر على ذلك، قدر على هذا بلا ريب.
تنبيه :
من أحكام الآية كما قال الجشمي : أنها تدل على عظم نعمه تعالى علينا بالمطر، وتدل على الحجاج في إحياء الموتى بإحياء الأرض بالنبات، وتدل على أنه أراد من الجميع التذكر، وتدل على أنه أجرى العادة بإخراج النبات بالماء. وإلا فهو قادر على إخراجه من غير ماء، فأجرى العادة على وجوه دبرها عليها على ما نشاهده، لضرب من المصلحة ديناً ودنيا.
ومنها إذا رأى الأرض الطيبة تزرع دون الأرض السبخة، وأنها قطع متجاورات، علم فساد التقليد، وأنه يجب أن يتفحص عن الحق حتى يعتقده.
ومنها أنه إذا زرع وعلم وجوب حفظه من المبطلات، علم وجوب حفظ الأعمال الصالحة من المحبطات. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٧ صـ ١٠٥ ـ ١٠٧﴾