والاستغراق في ﴿ كل الثمرات ﴾ استغراق حقيقي، لأنّ البلد الميّت ليس معيّناً بل يشمل كلّ بلد ميّت ينزل عليه المطر، فيحصل من جميع أفراد البلد الميّت جميع الثّمرات قد أخرجها الله بواسطة الماء، والبلدُ الواحد يُخرج ثمراته المعتادة فيه، فإذا نظرت إلى ذلك البلد خاصة فاجعل استغراق كلّ الثّمرات استغراقاً عرفياً، أي من كلّ الثّمرات المعروفة في ذلك البلد وحرف ( من ) للتبعيض.
وجملة :﴿ كذلك نخرج الموتى ﴾ معترضة استطراداً للموعظة والاستدلال على تقريب البعث الذي يستبعدونه، والإشارة بـ ( كذلك ) إلى الإخراج المتضمّن له فعل ﴿ فأخرجنا ﴾ باعتبار ما قبله من كون البلد ميّتاً، ثمّ إحيائه أي إحياء ما فيه من أثر الزّرع والثّمر، فوجه الشّبه هو إحياء بعد موت، ولا شكّ أنّ لذلك الإحياء كيفيّة قدّرها الله وأجمل ذكرها لقصور الإفهام عن تصوّرها.
وجملة :﴿ لعلكم تذكرون ﴾ مستأنفة، والرّجاء ناشىء عن الجمل المتقدّمة من قوله :﴿ وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ﴾ لأنّ المراد التذكّر الشّامل الذي يزيد المؤمن عبرة وإيماناً، والذي من شأنه أن يقلع من المشرك اعتقادَ الشّرك ومن مُنكِرِ البعث إنكارَه.
وقرأ الجمهور ﴿ تذّكّرون ﴾ بتشديد الذال على إدغام التّاء الثّانية في الذّال بعد قلبها ذالاً، وقرأ عاصم في رواية حفص ﴿ تَذَكَّرون ﴾ بتخفيف الذال على حذف إحدى التاءين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon