وأما آية سورة الملائكة فمبنية على مطلع السورة وذلكم قوله تعالى :"الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة " و"فاطر "و "جاعل "هنا بمعنى المضى ولا يمكن فيهما غير ذلك ولم يقع بعد هذا ذكر مقصود به الاعتبار من مخلوقاته سبحانه مما نصبه دالا عليه إلا قوله :"الله الذى أرسل الرياح " فجاء ذلك مناسبا لقوله :"فاطر السماوات والأرض "و " جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة " لموافقة الفعل الماضى اسم الفاعل معنى ومناسبته ولا يناسبه المستقبل وأما ما وقع بين الآية وبين ما بنيت عليه مما ذكرنا فليس من قبيل المذكور فيه ما نصبه سبحانه دليلا للاعتبار لذوى الافتكار كخلق السماوات والأرض وإرسال الرياح فهذه المذكورات الثلاث هى المقصودة هنا للاعتبار.
أما قوله :"يزيد فى الخلق ما يشاء " إلى ما بعده إلى آية إرسال الرياح مع جليل إلتحامه بما اتصل به فليس من قبيل ما ذكرناه ولا يمنع من حمل الآية المتكلم فيها على نحو ما ذكر وجملها عليه ولا يناسب المستقبل هنا ما تقدمه مما بينا حمله عليه وأنه لا يصح حمله على غير ما ذكر والله أعلم بما أراد.


الصفحة التالية
Icon