" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :" الرِّيَاح بُشْراً "
قد تقدَّم خلاف القرَّاءِ في إفراد " الرِّيحِ " وجمعها بالنِّسْبَة إلى سائر السُّور في البقرة.
وأمّا " بُشْراً " فقرأه في هذه السّورة - وحيث ورد في غيرها من السُّورِ - نافع وأبو عمرو وابن كثير بضم النون والشِّين، وهي قراءة الحسنِ وأبي عَبْدِ الرَّحْمنِ، وأبي رجاء بخلاف عنهم، وشَيْبَةَ بْن نصَاحٍ وعيسَى بْنِ عُمر وأبِي يحيى، وأبي نَوْفَلٍ الأعْرَابيَّيْنِ.
وفي هذه القراءة وجهان فيتحصَّلَ فيها ستَّةُ أوْجُه :
أحدها : أن " نُشُراً " جمع نَاشِرٍ كـ " بازل " و" بُزُلٍ " و" شَارِفٍ " و" شُرُفٍ " وهو جمع شاذٌّ في فاعل.
ثم " نَاشِرٌ " هذا اختلف في معناه فقيل : هو على النَّسَبِ : إمَّا إلى النِّشْر ضدَّ الطيِّ، وإمَّا إلى النُّشُورِ بمعنى الإحياء كقوله :﴿ وَإِلَيْهِ النشور ﴾ [ الملك : ٢٥ ]، والمعنى : ذا نَشْرٍ، أو نشورٍ كـ " لابنٍ " و" تَامِرٍ ".
وقيل : هو فاعل من نَشَرَ مطاوع أنْشَرَ يُقال : أنْشَرَ اللَّهُ الميِّتَ، فَنَشَرَ فهو نَاشِرٌ، وأنشد :[ السريع ]
٢٤٩١ - حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رَأوْا...
يَا عَجباً لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ
وقيل : ناشرٌ بمعنى مُنِشِرٌ أي : المُحْيي تقول : نَشَرَ اللَّهُ الموتى وأنْشَرَهَا، ففعل وأفْعل على هذا بمعنى واحد، وهذه الثَّالِثَةُ ضعيفة.
الوجه الثاني : أنَّ نُشُراً نَشُور، وهذا فيه احتمالان :
أرجحهما : أنَّهُ بمعنى فاعل، وفعول بمعنى فاعِل ينقاس جمعُه على فُعُل كصَبُور، وصُبُر، وشكور، وشُكُر أي متفرقة، وهي الرِّيَاحُ التي تأتي من كل ناحية والنّشر التفريق، ومنه نَشْرُ الثَّوْبِ، ونشر الخَشَبةِ بالمِنْشَارِ.
وقال الفراءُ :" النَّشْرُ من الرِّيح الطيِّبة اللينَةِ التي تنشىء السَّحاب، واحدها نُشُورٌ، وأصله من النَّشْرِ وهو الرَّائِحَةُ الطيِّبَةُ.


الصفحة التالية
Icon