وقال الآلوسى :
﴿ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾
رد لما هو منشأ لقولهم :﴿ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضلال مُّبِينٍ ﴾ [ الأعراف : ٦٠ ] والاستفهام للإنكار أي لم كان ذلك ولا داعي له.
والواو للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام، ويقدر عند الزمخشري وأتباعه بين الهمزة وواو العطف كأنه قيل : استبعدتم وعجبتم.
ومذهب سيبويه والجمهور أن الهمزة من جملة أجزاء المعطوف إلا أنها قدمت على العاطف تنبيهاً على أصالتها في التصدير.
وضعف قول الأولين بما فيه من التكلف لدعوى حذف الجملة فإن قوبل بتقديم بعض المعطوف فقد يقال : إنه أسهل منه لأن المتجوز فيه أقل لفظاً.
وفيه تنبيه على أصالة شيء في شيء وبأنه غير مطرد في نحو ﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ على كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [ الرعد : ٣٣ ].
وتحقيقه في محله و﴿ أَن جَاءكُمْ ﴾ بتقدير بأن لأن الفعل السابق يتعدى بها ؛ والمراد بالذكر ما أرسل به كما قيل للقرآن ذكر ويفسر بالموعظة.
ومن للابتداء والجار والمجرور متعلق بجاء أو بمحذوف وقع صفة لذكر أي ذكر كائن من مالك أموركم ومربيكم.
﴿ على رَجُلٍ مّنكُمْ ﴾ أي من جملتكم تعرفون مولده ومنشأه أو من جنسكم فمن تبعيضية أو بيانية كما قيل و﴿ على ﴾ متعلقة بجاء بتقدير مضاف أي على يد أو لسان رجل منكم أي بواسطته، وقيل : على بمعنى مع فلا حاجة إلى التقدير، وقيل : تعلقه به لأن معناه أنزل كما يشير إليه كلام أبي البقاء أو لأنه ضمن معناه، وجوز أن يكون متعلقاً بمحذوف وقع حالاً من ﴿ ذُكِرَ ﴾ أي نازلاً على رجل منكم.