وقال القاسمى :
﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ ﴾ [ ٦٤ ].
﴿ فَكَذَّبُوهُ ﴾ أي : أصروا على تكذيبه، مع طول مدة إقامته فيهم ولم يؤمن معه منهم إلا قليل ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ ﴾ أي : عن الحق، فلم يستبصروا الحق ولم يستنيروا بنور الوحي الذي هو كالشمس، ولا بظهور الآيات، ولا بآية الطوفان المغرق لهم، بعد إنذاره به على تكذيبهم، والعمى ذهاب بصر العينين وبصر القلب. يقال : عَمي فهو أعمى وعمٍ، كما في القاموس.
وكان من أمر نوح عليه السلام، أن قومه لما أعرضوا عن الإيمان، وتمادوا على العصيان، وعبدة الأوثان، وطال عليه أمرهم، شكاهم إلى الله تعالى، فأوحى الله إليه أنه :﴿ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَن ﴾، وهم ناس قليل، فحينئذ دعا عليهم فقال :﴿ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً ﴾.
فأوحى الله إليه أن يصنع السفينة، وصار قومه يسخرون منه، ويقولون : يا نوح ! قد صرت نجاراً بعد النبوة ! فقال :﴿ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾.
فلما فرغ من صنع السفينة، أمره الله تعالى أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين من أنواع الحيوانات، حتى لا ينقطع نسلها. وحشرها إليه من كل جهة.
ولما رأى فوران


الصفحة التالية
Icon