وَغَيْرِهِ.
(فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) أَيْ فَنَادَاهُمْ بِصِفَةِ الْقَوْمِيَّةِ مُضَافَةً إِلَيْهِ اسْتِمَالَةً لَهُمْ، وَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُهُ يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِمْ، بِدُعَاءٍ يَطْلُبُونَ بِهِ مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِكَسْبِهِمْ، وَمَا جَعَلَهُ اللهُ فِي اسْتِطَاعَتِهِمْ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُنَالُ بِهَا الْمَطَالِبُ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَوَجَّهُ فِي طَلَبِهِ إِلَى الرَّبِّ الْخَالِقِ لِكُلِّ شَيْءٍ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، وَهَذَا التَّوَجُّهُ وَالدُّعَاءُ هُوَ مُخُّ الْعِبَادَةِ وَلُبَابُهَا فَلَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ بِاللهِ تَعَالَى أَنْ يَتَوَجَّهَ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ أَلْبَتَّةَ - لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا بِالتَّبَعِ لِلتَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِرَادَةِ التَّوَسُّطِ بِهِ عِنْدَهُ فَإِنَّ هَذَا عَيْنُ الشِّرْكِ، الَّذِي ضَلَّ بِهِ أَكْثَرُ مَنْ ضَلَّ مِنَ الْخَلْقِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :(مِنْ إِلَهٍ) يُفِيدُ تَأْكِيدَ النَّفْيِ وَعُمُومَهُ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ " مَا عِنْدَنَا مِنْ طَعَامٍ


الصفحة التالية
Icon