والباء في قوله :﴿ بي ﴾ للمصاحبة أو الملابسة، وهي تناقض معنى الظرفية المجازية من قولهم ﴿ في ضلال ﴾ [ الأعراف : ٦٠ ] فإنّهم جعلوا الضّلال متمكّنا منه، فنفى هو أن يكون للضّلال متلبّس به.
وتجريد ﴿ ليس ﴾ من تاء التّأنيث مع كون اسمها مؤنّث اللّفظ جرى على الجواز في تجريد الفعل من علامة التّأنيث، إذا كان مرفوعه غير حقيقي التّأنيث، ولمكان الفصل بالمجرور.
والاستدراك الذي في قوله ﴿ ولكني رسول ﴾ لرفع ما توهّموه من أنّه في ضلال حيث خالف دينهم، أي هو في حال رسالة عن الله، مع ما تقتضي الرّسالة من التّبليغ والنّصح والإخبارِ بما لا يعلمونه، وذلك ما حسبوه ضلالاً، وشأن ( لكن ) أن تكون جملتها مفيدة معنى يغاير معنى الجملة الواقعة قبلها، ولا تدلّ عليه الجملة السّابقة وذلك هو حقيقة الاستدراك الموضوعةُ له ( لكِنّ ) فلا بد من مناسبة بين مضموني الجملتين : إما في المسند نحو ﴿ ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكنّ الله سَلَّم ﴾ [ الأنفال : ٤٣ ] أو في المسند إليه نحو ﴿ وما رميتَ إذ رميت ولكنّ الله رمى ﴾ [ الأنفال : ١٧ ] فلا يحسن أن تقول : ما سافرت ولكنّي مقيم، وأكثر وقوعها بعد جملة منفية، لأنّ النّفي معنى واسع، فيكثر أن يحتاج المتكلّم بعده إلى زيادة بيان، فيأتي بالاستدراك، ومن قال : إنّ حقيقة الاستدراك هو رفْعُ ما يتوَهَّم السّامع ثبوتَه أو نفيه فإنّما نظر إلى بعض أحوال الاستدراك أو إلى بعض أغراض وقوعه في الكلام البليغ، وليس مرادُهم أنّ حقيقة الاستدراك لا تتقوم إلاّ بذلك.
واختيار طريق الإضافة في تعريف المرسِل : لما تؤذن به من تفخيم المُضاف ومن وجوب طاعته على جميع النّاس، تعريضاً بقومه إذ عصوه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾