لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :" قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٦٠) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٦١) "، وقال فى سورة هود :" فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا " وقال فى سورة المؤمنين :" فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ ".
قلت هذه أجوبة فى مقامات شتى وأحوال مختلفة فلا سؤال فى اختلافها وإنما السؤال عن وجه الواقع فى كل سورة إذ لا يكون الا لمناسبة وقد تقدم بيان هذا فى الآية قبلها فيسأل عن ذلك ؟ وعن ثبوت الفاء فى قوله :"فقال " فى سورة هود وسورة المؤمنين وسقوطها فى سورة الأعراف ؟وعن وصف الملإ بالكفر فى السورتين وسقوط هذا الوصف من آية الأعراف ؟فهذه ثلاثة أسؤلة.
والجواب عن الأول والله أعلم : إن تقول : أن تخصيص الواقع من الملأ من قوم نوح عليه السلام جوابا له عند دعائهم فى سورة الأعراف إلى عبادة الله مناسب لما تقدم فيها من قول مكذبى الرسل حين تتوفاهم الملائكة قال تعالى :"حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا "وقول أخراهم لأولاهم عند دخولهم النار وتداركهم فيها جميعا :"ربنا هؤلاء أضلونا " فصار هذا مألوفا من كلامهم وجوابا متكررا منهم ثم قد جرى على هذا إخبار الله سبحانه عنهم عند تمنيهم الشفعاء أو الرد إلى الدنيا ليعملوا غير عملهم قال الله تعالى :"قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون " ولم يتقدم فى السورتين بعد مثل هذا فناسب هذا ما تقدم.