وقال القاسمى :
﴿ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ ﴾ أي : عذاب، والرجس والرجز بمعنى، حتى قيل إن أحدهما مبدل من الآخر، كالأسد والأزد. وأصل معناه الإضطراب، يقال : رجست السماء : رعدت شديداً وتمخضت، وهم في مرجوسة من أمرهم، أي : في اختلاط والتباس، ثم شاع في العذاب لاضطراب من حل به.
وادعى بعضهم أن الرجس بمعنى العذاب مجاز، قال : لأنه حقيقة في الشيء القذر، فاستعير لجزائهم.
وظاهر اللغة أنه حقيقة، ووجه التعبير بالماضي عما سيقع، تنزيل المتوقع كالواقع كما في :﴿ أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا ﴾.
﴿ وَغَضَبٌ ﴾ أي : سخط لإشراكهم معه من هو في غاية النقص، في أعلى كمالاته التي هي الإلهية.
﴿ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم ﴾ أي : في أشياء ما هي إلا أسماء وليس تحتها مسميات، لأنكم تسمونها آلهة، ومعنى الإلهية فيها معدوم ومُحال وجوده. وهذا كقوله تعالى :﴿ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ ـ كذا في الكشاف -.
قال الشهاب : جعل الأسماء عبارة عن الأصنام الباطلة، كما يقال لما لا يليق : ما هو إلا مجرد إسم، فالمعنى : والضمير حينئذ راجع لأسماء وهي المفعول الأول للتسمية، والثاني آلة، ولو عكس لزم الإستخدام. انتهى.
وقوله تعالى :﴿ مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ﴾ أي : حجة ودليل على هذه التسمية، لأن المستحق للمعبودية بالذات ليس إلا من أوجد الكل، وإنها لو استحقت لكان ذلك بجعله تعالى، إما بإنزال آية أو نصب حجة وكلاهما مستحيل، فتحقق بطلان ما هم عليه.