ونادى الله عزّ وجلّ السحابة السوداء التي اختارها قيل :[ فيها من النقمة ] من عاد حتّى خرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث فلما رأوها استبشروا بها وقالوا ﴿ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ﴾ [ الأحقاف : ٢٤ ] يقول الله تعالى :﴿ بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ﴾ [ الأحقاف : ٢٤-٢٥ ].
وكان أول من أبصر ما فيها وعرف إنّها ريح امرأة من عاد يقال لها : مهدر، فلمّا أتت عليهم صاحت وصعقت.
فلما أفاقت قالوا : ماذا رأيت؟ قالت : رأيت ريحها فيها كشهب النار أمامها رجال يقودونها ﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ﴾ [ الحاقة : ٧ ] أي دائمة فلم يدع من عاد أحداً إلاّ هلك.
فاعتزل هود ( عليه السلام ) ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبها ومن ريح إلاّ ما تلين عليه الجلود وتلتذ الأنفس. وإنها لترتفع بعاد والظعن إلى ما بين السماء والأرض وتدفعهم بالحجارة.
وخرج وفد عاد من مكّة حتّى مرّوا بمعاوية بن بكر فنزلوا عليه فبينما هم عنده إذ أقبل رجل على ناقة له في ليلة مقمرة مساء ثالثة من مصاب عاد فأخبرهم الخبر. فقالوا له : فأين فارقت هود وأصحابه؟ قال : فارقتهم بساحل البحر وكأنّهم شكوا فيما حدّثهم به فقالت هذيلة بنت بكر : صدق ورب مكّة.


الصفحة التالية
Icon