وقال ابن عاشور :
﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾
والرّؤية قلبيّة، أي أنّا لنعلم أنّك في سفاهة.
والسّفاهة سخافة العقل، وقد تقدّم القول في هذه المادة عند قوله تعالى :﴿ قالوا أنؤمن كما آمن السّفهاء ﴾ [ البقرة : ١٣ ] وقوله ﴿ ومن يرغب عن ملّة إبراهيم إلاّ من سفَه نفسه ﴾ في سورة البقرة ( ١٣٠ ).
جعلوا قوله :﴿ ما لكم من إله غيره ﴾ كلاماً لا يصدر إلاّ عن مختل العقل لأنّه من قول المحال عندهم.
وأطلقوا الظنّ على اليَقين في قولهم :﴿ وإنَّا لنظنّك من الكاذبين ﴾ وهو استعمال كثير كما في قوله تعالى :﴿ الذين يظنّون أنّهم ملاقوا ربّهم ﴾ وقد تقدّم في سورة البقرة ( ٤٦ )، وأرادوا تكذيبه في قوله ما لكم من إله غيره }، وفيما يتضمّنه قولُه ذلك من كونه رسولاً إليهم من الله.
وقد تشابهت أقوال قوم هود وأقوالُ قوم نوح في تكذيب الرّسول لأنّ ضلالة المكذّبين متّحدة، وشبهاتهم متّحدة، كما قال تعالى :﴿ تشابهت قلوبهم ﴾ [ البقرة : ١١٨ ] فكأنّهم لَقَّن بعضُهم بعضاً كما قال تعالى :﴿ أتوَاصَوْا به بل هم قوم طاغون ﴾ [ الذاريات : ٥٣ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية