أما ليس فيها إعلام بأنه سيعود إلى ذكرها حالاً فحالاً ويوماً فيوماً، وأما الفرق الآخر في هذه الآية وهو أن نوحاً عليه السلام قال :﴿وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ وهوداً وصف نفسه بكونه أميناً.
فالفرق أن نوحاً عليه السلام كان أعلى شأناً وأعظم منصباً في النبوة من هود، فلم يبعد أن يقال : إن نوحاً كان يعلم من أسرار حكم الله وحكمته ما لم يصل إليه هود، فلهذا السبب أمسك هود لسانه عن ذكر تلك الكلمة، واقتصر على أن وصف نفسه بكونه أميناً : ومقصود منه أمور : أحدها : الرد عليهم في قولهم :﴿وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين﴾ وثانيها : أن مدار أمر الرسالة والتبليغ عن الله على الأمانة فوصف نفسه بكونه أميناً تقريراً للرسالة والنبوة.
وثالثها : كأنه قال لهم : كنت قبل هذه الدعوى أميناً فيكم، ما وجدتم مني غدراً ولا مكراً ولا كذباً، واعترفتم لي بكوني أميناً فكيف نسبتموني الآن إلى الكذب ؟
واعلم أن الأمين هو الثقة، وهو فعيل من أمن يأمن أمنا فهو آمن وأمين بمعنى واحد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٤ صـ ١٢٧﴾
وقال السمرقندى :
﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أمِينٌ ﴾ يعني : كنت فيكم قبل اليوم أميناً فكيف تتّهموني اليوم. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon