أما قوله :﴿وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا﴾ ففيه أبحاث :
البحث الأول : انتصب قوله :﴿أخاهم﴾ بقوله :﴿أَرْسَلْنَا﴾ [ الأعراف : ٥٩ ] في أول الكلام والتقدير ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إلى قَوْمِهِ﴾ وأرسلنا إِلَى عاد أخاهم هوداً.
البحث الثاني : اتفقوا على أن هوداً ما كان أخاً لهم في الدين.
واختلفوا في أنه هل كان أخا قرابة قريبة أم لا ؟ قال الكلبي : إنه كان واحداً من تلك القبيلة، وقال آخرون : إنه كان من بني آدم ومن جنسهم لا من جنس الملائكة فكفي هذا القدر في تسمية هذه الأخوة، والمعنى أنا بعثنا إلى عاد واحداً من جنسهم وهو البشر ليكون إلْفُهُم والأنس بكلامه وأفعاله أكمل.
وما بعثنا إليهم شخصاً من غير جنسهم مثل ملك أو جني.
البحث الثالث : أخاهم : أي صاحبهم ورسولهم، والعرب تسمي صاحب القوم أخا القوم، ومنه قوله تعالى :﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [ الأعراف : ٣٨ ] أي صاحبتها وشبيهتها.
وقال عليه السلام :" إن أخا صداء قد أذن وإنما يقيم من أذن " يريد صاحبهم.
البحث الرابع : قالوا نسب هود هذا : هود بن شالخ، بن أرفخشذ، بن سام.
بن نوح.
وأما عاد فهم قوم كانوا باليمن بالأحقاف، قال ابن إسحق : والأحقاف، الرمل الذي بين عمان إلى حضرموت.
البحث الخامس : اعلم أن ألفاظ هذه القصة موافقة للألفاظ المذكورة في قصة نوح عليه السلام إلا في أشياء : الأول : في قصة نوح عليه السلام :﴿فَقَالَ ياقوم اعبدوا الله﴾ [ الأعراف : ٥٩ ] وفي قصة هود :﴿قَالَ يَا قَوْمٌ اعبدوا الله﴾ والفرق أن نوحاً عليه السلام كان مواظباً على دعواهم وما كان يؤخر الجواب عن شبهاتهم لحظة واحدة.
وأما هود فما كانت مبالغته إلى هذا الحد فلا جرم جاء "فاء التعقيب" في كلام نوح دون كلام هود.