وقال الآلوسى :
﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾
﴿ قَالُوا ﴾ مجيبين عن تلك النصائح العظيمة المتضمنة للإنذار على ما أشير إليه.
﴿ أَجئْتَنَا لنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ ﴾ أي لنخصه بالعبادة ﴿ وَنَذَرَ ﴾ أي نترك ﴿ مَا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا ﴾ من الأوثان، وهذا إنكار واستبعاد لمجيئه عليه السلام بذلك ومنشؤه انهماكهم في التقليد والحب لما ألفوه وألفوا عليه أسلافهم، ومعنى المجىء إما مجيئه عليه السلام من مكان كان يتحنث فيه كما كان رسول الله ﷺ يفعل بحراء قبل المبعث أو مجيئه من السماء أي أنزلت علينا من السماء ومرادهم التهكم والاستهزاء، وجاء ذلك من زعمهم أن المرسل من الله تعالى لا يكون إلا ملكاً من السماء أو هو مجاز عن القصد إلى الشيء والروع فيه فإن جاء وقام وقعد وذهب كما قال جماعة تستعملها العرب لذلك تصويراً للحال فتقول قعد يفعل كذا وقام يشتمني وقعد يقرأ وذهب يسبني، ونصب ﴿ وحده ﴾ على الحالية، وهو عند جمهور النحويين ومنهم الخليل وسيبويه اسم موضوع موضع المصدر أعني إيجاد الموضوع موضع الحال أعني موحداً.
واختلف هؤلاء فيما إذا قلت : رأيت زيداً وحده مثلاً فالأكثرون يقدرون في حال إيجاد له بالرؤية فيجعلونه حالاً من الفاعل، والمبرد يقدره في حال أنه مفرد بالرؤية فيجعله حالاً من المفعول.
ومنع أبو بكر بن طلحة جعله حالاً من الفاعل وأوجب كونه حالاً من المفعول لا غير لأنهم إذا أرادوا الحال من الفاعل قالوا رأيته وحدي ومررت به وحدي كما قال الشاعر
: والذئب أخشاه أن مررت به...
وحدي وأخشى الرياح والمطرا