" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :" لِنَعْبُدَ " متعلق بالمجيء الذي أنكروه عليه.
واعلم أنَّ هوداً - عليه السلام - لما دعاهم إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام بالدَّلِيل القاطع، وهو أنَّهُ بيَّن أنَّ نعم الله عليهم كثيرة والأصنام لا نعمة لها ؛ لأنَّهَا جمادات، والجمادُ لا قُدْرَةَ له على شَيْءٍ أصلاً - لم يكن للقوم جوابٌ عن هذه الحُجَّةِ إلا التمسك بالتَّقْليد فقالُوا :﴿ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ﴾ فأنكروا عليه أمره لهم بالتَّوحيد، وترك التقليد للآباء، وطلبوا منه وقوع العذاب المشار إليه بقوله :" أفَلاَ تَتَّقُونَ " وذلك أنَّهُم نسبوه إلى الكذب، وظنُّوا أنَّ الوعيد لا يتأخر، ثم قالوا :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ جوابه محذوف أو متقدِّم بـ " ما "، وذلك لأنَّ قوله :﴿ اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ﴾ مشعر بالتَّهْديد والتّخويف بالوعيد، فلهذا قالوا :﴿ فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ ﴾.
قوله :﴿ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ جوابه محذوف أو مُتَقَدِّم، وهو فأت به. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٩ صـ ١٨٩﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠) ﴾
طاحوا في أودية التفرقة فلم يجدوا قراراً في ساحات التوحيد، فَشَقَّ عليهم الإعراضُ عن الأغيار، وفي معناه قال قائلهم :
أراكَ بقيةً من قوم موسى... فهم لا يصبرون على طعام
ويقال شخص لا يُخْرِجُه من غش التفرقة، وشخص لا يحيد لحظةً عن سَنَنِ التوحيد فهو لا يعبد إلا واحداً، وكما لا يعبد إلا واحد لا يشهد إلا واحداً، قال قائلهم :
لا يهتدي قلبي إلى غيركم... لأنه سُدَّ عليه الطريق. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٥٤٥﴾