ولما أخبرهم بذلك، بين لهم أن سببه كلامهم هذا في سياق الإنكار فقال :﴿أتجادلونني﴾ ولما كانت آلهتهم تلك التي يجادلون فيها لا تزيد على السماء لكونها خالية من كل معنى، قال :﴿في أسماء﴾ ثم بين أنه لم يسمها آلهة من يعبد به فقال :﴿سميتموها انتم وآباؤكم﴾ ولما كان لله تعالى أن يفعل ما يشاء وأن يأمر بالخضوع لمن يشاء، قال نافياً التنزيل فإنه يلزم من نفي الإنزال :﴿ما نزل الله﴾ أي الذي ليس الأمر إلا له ﴿بها﴾ أي بتعبدكم لها أو بتسميتكم إياها، وأغرق في النفي فقال :﴿من سلطان﴾ ولعله أتى بصيغة التنزيل لأن التفعيل يأتي بمعنى الفعل المجدد وبمعنى الفعل بالتدريج فقصد - لأنه في سياق المجادلة وفي سورة مقصودها إنذار من أعرض عما دعا إليه هذا الكتاب النازل بالتدريج - النفي بكل اعتبار، سواء كان تجديداً أو تدريجاً وإشارة إلى أنه لو نزل عليهم في الأمر بعبادتها شيء واحد لتوقفوا فيه لعدم فهمهم لمعناه حتى يكرر عليهم الأمر فيه مرة بعد أخرى، فيعلموا أن ذلك أمر حتم لا بد منه كما فعله بنو إسرائيل في الأمر بذبح البقرة لأجل القتيل لأجل أنهم لم يعقلوا معناه، دل ذلك قطعاً على أن الأمر لهم بعبادتها إنما هو ظلام الهوى لأنه عمى محض من شأن الإنسان ركوبه بلا دليل أصلاً.
ولما أخبرهم بوقوع العذاب وسببه، بين لهم أن الوقوع ليس على ظاهرة في الإنجاز، وإنما معناه الوجوب الذي لا بد من فقال :﴿فانتظروا﴾ ثم استأنف الإخبار عن حاله بقوله :﴿إني﴾ وأشار بقوله :﴿معكم﴾ إلى أنه لا يفارقهم لخشيته منهم ولا غيرها ﴿من المنتظرين ﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٥٥﴾
فصل
قال الفخر :
ثم حكى الله تعالى عن هود عليه السلام أنه قال عند هذا الكلام :﴿قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :