وقالوا لهم : والله لا تقتلونه أبداً وقد وعدكم أنّ العذاب نازل بكم في ثلاث فإن كان صادقاً لم تزيدوا ربّكم إلاّ غضباً وإن كان كاذباً فأنتم من وراء ما تريدون فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك.
قال السدي وغيره : فكان شر مولود يعني قدار وكان يشبَّ في اليوم شباب غيره في الجمعة. ويشبّ في الشهر شباب غيره في السنة فلمّا كبر جلس مع أُناس يصيبون من الشراب فأرادوا ما يمزجون به شرابهم وكان ذلك اليوم شرب الناقة فوجدوا الماء قد شربته الناقة. فاشتد ذلك عليهم وقالوا في شأن الناقة وشدّتها عليهم ونحن ما نصنع باللبن لو كنّا نأخذ من هذا الماء الذي تشربه هذه الناقة نسقيه أنعامنا وحروثنا كان خيراً لنا، فقال ابن العاشر هل لكم في أن أعقرها لكم؟
قالوا : نعم.
وقال كعب : كان سبب عقرهم الناقة أنّ امرأة يقال لها ملكا كانت قد ملكت ثمود فلمّا أقبل الناس على صالح وصارت الرئاسة إليه حسدته فقالت لامرأة يقال لها قطام وكانت معشوقة قدّار بن سالف ولامرأة أُخرى يقال لها قبال كانت معشوقة مصدح بن وعد ويقال ابن مهرج، وكان قدار ومصدع يجتمعان كل ليلة معهما ويشربون الخمر فقالت لهما ملكا : إن أتاكم الليلة قدار ومصدع فلا تطيعاهما وقولا لهما : إن الملكة حزينة لأجل الناقة و لأجل صالح فنحن لا نطيعكما حتّى تعقرا الناقة فإن عقرتماها أطعناكما، فلمّا أتياهما قالتا لهما هذه المقالة فقالا : يكون من وراء عقرهما.
وقال ابن إسحاق وغيره : فانطلق قدار ومصدع وأصحابهما السبعة فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء وقد كمن لها قدار في أصل حفرة على طريقها، وكمن لها مصدع في طريق آخر فمرّت على مصدع فرماها بسهم فانتظم به عضلة ساقها وخرجت أم غنم وعنيزة وأمرت ابنتها وكانت من أحسن الناس فاستقرّت لقدار ثمّ دمرته فشد على الناقة بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورغت رغاة واحدة فحدر سقبها ثمّ طعن في لبّتها فنحرها.