قال القاضي أبو محمد : وهذا أليق بما ورد في الآثار من أمرهم، وروي أن بعضهم قال " يا صالح " إن كنت صادقاً فادع ربك يخرج لنا من هذه الهضبة وفي بعض الروايات من هذه الصخرة لصخرة بالحجر يقال لها الكاثبة ناقة عشراء قال فدعا الله فتمخضت تلك الهضبة وتنفضت وانشقت عن ناقة عظيمة، وروي : أنها كانت حاملاً فولدت سقبها المشهور، وروي أنه خرج معها فصيلها من الصخرة، وروي : أن جملاً من جمال ﴿ ثمود ﴾ ضربها فولدت فصيلها المشهور، وقيل ﴿ ناقة الله ﴾ تشريفاً لها وتخصيصاً، وهي إضافة خلق إلى خالق، وقال الزجاج : وقيل إنها ناقة من سائر النوق وجعل الله لها شرباً يوماً ولهم شرب يوم، وكانت الآية في شربها وحلبها.
قال القاضي أبو محمد : وحكى النقاش عن الحسن أنه قال : هي ناقة اعترضها من إبلهم ولم تكن تحلب والذي عليه الناس أقوى وأصح من هذا، قال المفسرون : وكانت حلفاً عظيماً تأتي إلى الماء بين جبلين فيزحمانها من العظم وقاسمت ﴿ ثمود ﴾ في الماء يوماً بيوم فكانت ترد يومها فتستوفي ماء بئر همشريا ويحلبونها وما شاؤوا من لبن ثم تمكث يوماً وترد بعد ذلك غياً، فاستمر ذلك ما شاء الله حتى أماتها ﴿ ثمود ﴾ وقالوا ما نصنع باللبن، الماء أحب إلينا منه، وكان سبب الملل فيما روي أنها كانت تصيف في بطن الوادي وادي الحجر وتستوفي ظاهره فكانت مواشيهم تفر منها فتصيف في ظهر الوادي للقيظ، وتستوفي باطنه للزمهرير وفسدت لذلك، فتمالؤوا على قتل الناقة فقال لهم " صالح " مرة إن هذا الشهر يولد فيه مولود يكون هلاككم على يديه، فولد لعشرة نفر أولاد فذبح التسعة أولادهم، وبقي العاشر وهو سالف أبو قدار، فنشأ قدار أحمر أزرق فكان التسعة إذا رأوه قالوا لو عاش بنونا كانوا مثل هذا، فاحفظهم إن قتلوا أولادهم بكلام صالح.


الصفحة التالية