صالحاً وكانوا قوماً عرباً وصالحٌ من أوسطهم نسباً، فدعاهم إلى الله عز وجل فلم يتبعْه إلا قليلٌ منهم مستضعَفون فحذرهم وأنذرهم فسألوه آية فقال : أيةَ آيةٍ تريدون؟ قالوا : تخرج معنا إلى عيدنا في يوم معلومٍ لهم من السنة فتدعو إلهك وندعو آلهتنا فإن استُجيب لنا اتبعتَنا فقال صالح عليه السلام : نعم، فخرج معهم ودعَوْا أوثانَهم وسألوا الإجابة فلم تُجبْهم ثم قال سيدهم جندعُ بن عمرو وأشار إلى صخرة منفردة في ناحية الجبل يقال لها الكاثبة : أخرِجْ لنا من هذه الصخرةِ ناقةً مخترِجةً جوفاءَ وبراءً، والمخترِجةُ التي شاكلت البُخْت، فإن فعلت صدقناك وأجبناك فأخذ صالح عليه السلام عليهم المواثيق : لئن فعلتُ ذلك لتؤمِنُن ولتُصدِّقُنّ قالوا : نعم، فصلى ودعا ربه فتمخّضت الصخرةُ تمخّض النَتوجِ بولدها فانصدعت عن ناقة عُشَراءَ جوفاء وبراءٍ كما وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله تعالى، وعظماؤهم ينظرون ثم نُتِجت ولداً مثلَها في العِظَم، فآمن به جُندع ورهطٌ من قومه ومنع أعقابَهم ناسٌ من رؤوسهم أن يؤمنوا فمَكثت الناقةُ مع ولدها ترعى الشجرَ وتشرب الماءَ وكانت ترِدُ غِباً، فإذا كان يومُها وضَعتْ رأسَها في البئر فما ترفعها حتى تشربَ كلَّ ما فيها ثم تتفحج فيحتلبون ما شاؤوا حتى تمتلىء أوانيهم فيشربون ويدّخرون وكانت إذا وقع الحرُّ تصيّفت بظهر الوادي فيهرب منها أنعامُها فتهبِط إلى بطنه، وإذا وقع البردُ تشتت بطن الوادي فتهرب مواشيهم إلى ظهره، فشق ذلك عليهم وزيَّنَت عَقرَها لهم امرأتانِ عنيزةُ أمُّ غنم وصدفةُ بنتُ المختار لِما أضرَّت به من مواشيهما وكانتا كثيرتي المواشي فعقروها واقتسموا لحمها وطبخوه فانطلق سَقْبُها حتى رقيَ جبلاً اسمُه قارةُ فرَغا ثلاثاً وكان صالح عليه السلام قال لهم : أدركوا الفصيلَ عسى أن يرفع عنكم العذابَ فلم يقدروا عليه فانفجت الصخررُ بعد رغائه فدخلها فقال لهم صالح : تُصبحون غداً