وقال أبو حيان :
﴿ ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ﴾
هو لوط بن هاران أخي إبراهيم عليه السلام وناحور وهم بنو تارح بن ناحور وتقدّم رفع نسبه وقوله هم أهل سدوم وسائر القرى المؤتفكة بعثه الله تعالى إليهم، وقال ابن عطية بعثه الله إلى أمّة تسمى سدوم وانتصب ﴿ لوطاً ﴾ بإضمار وأرسلنا عطفاً على الأنبياء قبله و﴿ إذ ﴾ معمولة ﴿ لأرسلنا ﴾ وجوّز الزمخشري وابن عطية : نصبه بواذكر مضمرة زاد الزمخشري أنّ ﴿ إذ ﴾ بدل من لوط أي واذكر وقت قال لقومه، وقد تقدم الكلام على كون إذ تكون مفعولاً بها صريحاً لأذكر وأنّ ذلك تصرف فيها والاستفهام هو على جهة الإنكار والتوبيخ والتشنيع والتوقيف على هذا الفعل القبيح و﴿ الفاحشة ﴾ هنا إتيان ذكران الآدميين في الادبار ولما كان هذا بالفعل معهوداً قبحه ومركوزاً في العقول فحشه أتى معرّفاً بالألف واللام أن تكون أل فيه للجنس على سبيل المبالغة كأنه لشدة قبحه جعل جميع الفواحش ولبعد العرب عن ذلك البعد التام وذلك بخلاف الزنا فإنه قال فيه :﴿ ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ﴾ فأتى به منكراً أي فاحشة من الفواحش وكان كثير من العرب يفعله ولا يستنكرون من فعله ولا ذكره في أشعارهم والجملة المنفية تدلّ على أنهم هم أول من فعل هذه الفعلة القبيحة وأنهم مبتكروها والمبالغة في ﴿ من أحد ﴾ حيث زيدت لتأكيد نفي الجنس وفي الإتيان بعموم العالمين جمعاً.


الصفحة التالية
Icon