والوجه الثاني : وهو أن الذكورة مظنة الفعل، والأنوثة مظنة الانفعال، فإذا صار الذكر منفعلاً، والأنثى فاعلاً، كان ذلك على خلاف مقتضى الطبيعة، وعلى عكس الحكمة الإلهية.
والوجه الثالث : الاشتغال بمحض الشهوة تشبه بالبهيمة، وإذا كان الاشتغال بالشهوة يفيد فائدة أخرى سوى قضاء الشهوة، فليكن قضاء الشهوة من المرأة يفيد فائدة أخرى سوى قضاء الشهوة، وهو حصول الولد وإبقاء النوع الإنساني الذي هو أشرف الأنواع فأما قضاء الشهوة من الذكر فإنه لا يفيد إلا مجرد قضاء الشهوة، فكان ذلك تشبهاً بالبهائم، وخروجاً عن الغريزة الإنسانية، فكان في غاية القبح.
والوجه الرابع : هب أن الفاعل يلتذ بذلك العمل، إلا أنه يبقى في إيجاب العار العظيم، والعيب الكامل بالمفعول على وجه لا يزول ذلك العيب عنه أبداً لدهر، والعاقل لا يرضى لأجل لذة خسيسة منقضية في الحال، إيجاب العيب الدائم الباقي بالغير.
والوجه الخامس : أنه عمل يوجب استحكام العداوة بين الفاعل والمفعول، وربما يؤدي ذلك إلى إقدام المفعول على قتل الفاعل لأجل أنه ينفر طبعه عند رؤيته، أو على إيجاب إنكائه بكل طريق يقدر عليه.
أما حصول هذا العمل بين الرجل والمرأة، فإنه يوجب استحكام الألفة والمودة وحصول المصالح الكبيرة، كما قال تعالى :﴿خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أزواجا لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [ الروم : ٢١ ].
والوجه السادس : أنه تعالى أودع في الرحم قوة شديدة الجذب للمني فإذا واقع الرجل المرأة قوي الجذب، فلم يبق شيء من المني في المجاري إلا وينفصل.