وقال أبو السعود :
﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال ﴾
خبرٌ مستأنفٌ لبيان تلك الفاحشةِ وقرىء بهمزتين صريحتين وبتليين الثانيةِ بغير مدَ وبمد أيضاً على أنه تأكيدٌ للإنكار السابقِ وتشديدٍ للتوبيخ، وفي زيادة إنّ واللامِ مزيدُ توبيخٍ وتقريعٍ، وكان ذلك أمرٌ لا يتحقق صدورُه عن أحد فيؤكد تأكيداً قوياً، وفي إيراد لفظِ الرجالِ دون الغِلمان والمُرْدان ونحوِهما مبالغةً في التوبيخ وقوله تعالى :﴿ شَهْوَةً ﴾ مفعول له أو مصدرٌ في موقع الحالِ، وفي التقييد بها وصفُهم بالبهيمية الصِّرْفة وتنبيهٌ على أنّ العاقلَ ينبغي له أن يكون الداعيَ له المباشرَ طلبُ الولد وبقاءُ النوعِ لا قضاءُ الشهوةِ. ويجوز أن يكون المرادُ الإنكارَ عليهم وتقريعَهم على اشتهائهم تلك الفعلةَ الخبيثةَ المكروهة كما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ مّن دُونِ النساء ﴾ أي متجاوزين النساءَ اللاتي هن محلُّ الاشتهاء كما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ﴾ ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ إضرابٌ عن الإنكار المذكورِ إلى الإخبار بحالهم التي أفضَتْهم إلى ارتكاب أمثالِها وهي اعتيادُ الإسرافِ في كل شيءٍ أو عن الإنكار عليها إلى الذم على جميع معايبِهم، أو عن محذوف أي لا عذرَ لكم فيه بل أنتم قومٌ عادتُكم الإسراف. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾