وقال ابن عاشور :
قوله تعالى :﴿ فأنجيناه ﴾ تعقيب لجملة :﴿ وما كان جواب قومه ﴾ [ الأعراف : ٨٢ ] أو لجملة :﴿ قال لقومه ﴾ [ الأعراف : ٨٠ ] وهذا التّعقيب يؤذن بأنّ لوطاً عليه السّلام أُرسل إلى قومه قبل حلول العذاب بهم بزمن قليل.
و﴿ أنجيّناه ﴾ مقدّم من تأخير.
والتّقدير : فأمطرنا عليهم مطراً وأنجيناه وأهلَه، فقدم الخبر بإنجاء لوط عليه السّلام على الخبر بإمطارهم مطرَ العذاب، لقصد إظهار الاهتمام بأمر إنجاء لوط عليه السّلام، ولتعجيل المسّرة للسّامعين من المؤمنين، فتطمئنّ قلوبهم لحسن عواقب أسلافهم من مؤمني الأمم الماضية، فيعلموا أنّ تلك سنّة الله في عباده، وقد تقدّم بيان ذلك عند قوله تعالى :﴿ فكذّبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك ﴾ في هذه السّورة ( ٦٤ ).
وأهل لوط عليه السّلام هم زوجه وابنتان له بكران، وكان له ابنتان متزوّجتان كما ورد في التّوراة امتنع زوجاهما من الخروج مع لوط عليه السّلام فهلكتا مع أهل القرية.
وأمّا امرأة لوط عليه السّلام فقد أخبر الله عنها هنا أنّ الله لم ينجها، فهلكت مع قوم لوط، وذكر في سورة هود ما ظاهره أنّها لم تمتثل ما أمر الله لوطاً عليه السّلام أن لا يلتفت هو ولا أحد من أهله الخارجين معه إلى المدن حين يصيبها العذاب فالتفتت امرأته فأصابها العذاب، وذكر في سورة التّحريم أنّ امرأة لوط عليه السّلام كانت كافرة.
وقال المفسّرون : كانت تُسِرّ الكفر وتظهر الإيمان، ولعلّ ذلك سبب التفاتها لأنّها كانت غير موقنة بنزول العذاب على قوم لوط، ويحتمل أنّها لم تخرج مع لوط عليه السّلام وإن قوله :﴿ إلاّ امرأتك ﴾ في سورة هود ( ٨١ )، استثناء من أهلك } لا من ﴿ أحد ﴾.