وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد الحق يقول سبحانه :﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته كَانَتْ مِنَ الغابرين ﴾ [ الأعراف : ٨٣ ]
إن إمرأة سيدنا لوط لم تدخل في الإنجاء لأنها من الغابرين، و " غبر " تأتي لمعان متعددة، فهي تعني إقامة ومكثا بالمكان، أو تعني أي شيء مضى، كما يقال : هذا الشيء غبرت أيامه ؛ أي مضت أيامه، ولسائل أن يقول : كيف تأتي الكلمة الواحدة للمعنى ونقيضه؟ فغبر تعني بقي، وغبر أيضاً تعني مضى وانتهى. نقول : إن المعنى ملتق هنا في هذه الاية، فمادام الحق ينجيه من العذاب الذي نزل على قوم لوط في القرية فنجد زوجته لم تخرج معه، بل بقيت في المكان الذي نزل فيه العذاب، وبقيت في الماضي، وهكذا يكون المعنى ملتقيا. فإن قلت مع الباقين الذين آتاهم العذاب فهذا صحيح. وإن قلت إنها صارت تاريخاً مضى فهذا صحيح أيضاً :﴿ إِلاَّ امرأته كَانَتْ مِنَ الغابرين ﴾.
ونحن لا ندخل في تفاصل لماذا كانت امراته من الغابرين ؛ لأن البعض تكلم في حقها بما لا يقال، وكأن الله يدلس على نبي من أنبيائه، لا، نحن لا نأخذ إلا ما قاله الحق بأنها كانت مخالفة لمنهجه وغير مؤمنة به.
ونلحظ أيضاً أن الحق تحدث عن امرأة نوح وامرأة لوط في مسألة الكفر ؛ فقال :﴿ ضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا... ﴾ [ التحريم : ١٠ ]