وقال القرطبى :
﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾
فيه أربع مسائل :
الأُولى قوله تعالى :﴿ وإلى مَدْيَنَ ﴾ قيل في مَدْين : اسم بلد وقُطْر.
وقيل : اسم قبيلة كما يقال : بَكْر وتَمِيم.
وقيل : هم من ولد مَدْيَن بن إبراهيم الخليل عليه السلام.
فمن رأى أن مدين اسم رجل لم يصرفه لأنه معرفة أعجميّ.
ومن رآه اسماً للقبيلة أو الأرض فهو أحْرَى بألاّ يصرفه.
قال المهدويّ : ويروى أنه كان ابن بنت لوط.
وقال مكيّ : كان زوج بنت لوط.
واختلف في نسبه ؛ فقال عطاء وابن إسحاق وغيرهما : وشعيب هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم عليه السلام.
وكان اسمه بالسريانية بَيْرُوت.
وأُمه ميكائيل بنت لوط.
وزعم الشرقِيّ بن القُطَامِيّ أن شعيباً بن عَيْفَاء بن يَوْبَبَ بن مدين بن إبراهيم.
وزعم ابن سَمْعَان أن شعيباً بن جزي بن يشجر بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
وشُعَيْب تصغير شَعْب أو شِعْب.
وقال قتادة : هو شعيب بن يَوْبَبَ.
وقيل : شعيب بن صفوان بن عيفاء بن ثابت بن مدين بن إبراهيم.
والله أعلم.
وكان أعمى ؛ ولذلك قال قومه :﴿ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً ﴾ [ هود : ٩١ ].
وكان يقال له : خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه.
وكان قومه أهل كفر بالله وبخسٍ للمكيال والميزان.
﴿ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ أي بيان، وهو مجيء شعيب بالرسالة.
ولم يذكر له معجزة في القرآن.
وقيل : معجزته فيما ذكر الكسائي في قصص الأنبياء.
الثانية قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءَهُمْ ﴾ البخس النقص.
وهو يكون في السِّلعة بالتعييب والتزهيد فيها، أو المخادعة عن القيمة، والاحتيال في التزيّد في الكيل والنقصان منه.