والعِوَج بكسر العين عدم الاستقامة في المعاني، وبفتح العين : عدم استقامة الذات، والمعنى : تحاولون أن تصفوا دعوة شعيب المستقيمة بأنها باطل وضلال، كمن يحاول اعوجاج عود مستقيم.
وتقدم نظير هذا في هذه السورة في ذكر نداء أصحاب الجنة أصحاب النار.
وإنما أَخَّر النهي عن الصد عن سبيل الله، بعد جملة ﴿ ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ﴾ ولم يجعله في نسق الأوامر والنواهي الماضية ثم يعقبه بقوله :﴿ ذلكم خير لكم ﴾ لأنه رتّب الكلام على الابتداء بالدعوة إلى التوحيد، ثم إلى الأعمال الصالحة لمناسبة أن الجميع فيه صلاح المخاطبين، فاعقبها ببيان أنها خير لهم إن كانوا مؤمنين فاعاد تنبيههم إلى الإيمان وإلى أنه شرط في صلاح الأعمال، وبمناسبة ذكر الإيمان عاد إلى النهي عن صد الراغبين فيه، فهذا مثل الترتيب في قول امرىء القيس:
كأنّيَ لم اركَبْ جواداً للذّةٍ...
ولم أتبطّنْ كاعباً ذات خلْخالٍ
ولم أسْبَأ الراحَ الكُميتَ ولم أقل...
لخَيْلِي كُري كَرّةً بعد إجفال
روى الواحدي في "شرح ديوان المتنبي" أن المتنبي لما أنشد سيف الدولة قوله فيه:
وقَفْتَ وما في الموْت شكّ لوَاقِفٍ...
كأنّك في جفن الرّدى وهو نائم
تَمُر بك الأبطال كَلْمَي حزينة...
ووجهك وضَّاح وثَغْرُك باسم
أنكر عليه سيف الدولة تطبيق عَجُزي البيتين على صدريهما، وقال له كان ينبغي أن تجعل العجز الثاني عَجُزاً اللأول والعكس وأنت في هذا مِثْل امرىء القيس في قوله:
كأنّي لم أركب جواداً للذة...


الصفحة التالية
Icon