والضَّمير في " به " : إمَّا لكل صراط كما تقدَّم عن الزمخشريِّ، وإمَّا على الله للعلم به، وإمَّا على سبيل الله، وجاز ذلك ؛ لأنَّهُ يذكَّر ويُؤنَّثُ، وعلى هذا فقد جمع بين الاستعمالين هنا حيث قال :" به " فذكَّر، وقال :" وتَبْغُونها عِوَجاً " فأنَّث، ومثله :﴿ قُلْ هذه سبيلي ﴾ [ يوسف : ١٠٨ ] [ وقد تقدَّم ] نحو قوله :﴿ تَبْغُونَهَا عِوَجاً ﴾ [ آل عمران : ٩٩ ] في آل عمران.
ومعنى الآية أنَّهُم كانوا يجلسون على الطَّريق فيقولون لمن يريدُ الإيمانَ بشُعَيْبٍ : إنَّ شُعَيْباً كذاب فلا يفتننَّك عن دينك، ويتوعدون المؤمنين بالقَتْل، ويخوفونهم.
قال الزمخشريُّ : قوله :﴿ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ ﴾ أي : ولا تقتدوا بالشَّيْطان في قوله :﴿ لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المستقيم ﴾ [ الأعراف : ١٦ ] قال : والمرادُ من قوله :" صِرَاطٍ " كلُّ ما كان من مناهج الدِّين ويدلُّ عليه قوله :﴿ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾.
قوله :" وَاذْكُرُوا " إمَّا أن يكون مفعوله محذوفاً، فيكون هذا الظَّرف معمولاً لذلك المفعول أي : اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عليكم في ذلك الوقت، وإمَّا أن يجعل نفس الظرف مفعولاً به.
قاله الزمخشريُّ.
وقال ابن عطية :" إنّ " الهاء " في " به " يجوز أن تعود على شعيب عند مَنْ يرى أنَّ القُعُودَ على الطرق للردِّ عن شعيب، وهو بعيد ؛ لأن القائل :" ولا تقعدوا " هو شعيب، وحينئذ كان التركيب " مَنْ آمَنَ بِي "، والادِّعَاءُ بأنَّهُ من باب الالتفات بعيد جداً ؛ إذ لا يَحْسُن أن يُقال :" [ يا ] هذا أنا أقول لك لا تُهِنْ مَنْ أكرَمَه " أي : مَنْ أكرمني.
قوله :﴿ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ﴾.
قال الزَّجَّاج :" هذا الكلام يحتمل ثلاث أوجه : كثر عددكم بعد القلّة، وكثركم بالغنى بعد الفقر، وكثركم بالقوة بعد الضعف " قال السدي :" كانوا عشارين ".