وقال أبو حيان :
﴿ وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبِروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ﴾
هذا الكلام من أحسن ما تلطف به في المحاورة إذ برز المتحقق في صورة المشكوك فيه وذلك أنه قد آمن به طائفة بدليل قول المستكبرين عن الإيمان ﴿ لنخرجنّك يا شعيب والذين آمنوا معك ﴾ وهو أيضاً من بارع التقسيم إذ لا يخلو قومه من القسمين والذي أرسل به هنا ما أمرهم به من إفراد الله تعالى بالعبادة وإيفاء الكيل والميزان ونهاهم عنه من البخس والإفساد والقعود المذكور ومتعلق ﴿ لم يؤمنوا ﴾ محذوف دلّ عليه ما قبله وتقديره لم يؤمنوا به والخطاب بقوله ﴿ منكم ﴾ لقومه وينبغي أن يكون قوله ﴿ فاصبِروا ﴾ خطاباً لفريقي قومه من آمن ومن لم يؤمن ﴿ بيننا ﴾ أي بين الجميع فيكون ذلك وعداً للمؤمنين بالنصر الاذي هو نتيجة الصّبر فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا وعيداً للكافرين بالعقوبة والخسار، وقال ابن عطية : المعنى وإن كنتم يا قوم قد اختلفتم علي وشعبتم بكفركم أمري فآمنت طائفة وكفرت طائفة فاصبروا أيها الكفرة حتى يأتي حكم الله بيني وبينكم ففي قوله فاصبروا قوة التهديد والوعيد هذا ظاهر الكلام وأنّ المخاطبة بجميع الآية للكفار، قال النقاش وقال مقاتل بن سليمان : المعنى ﴿ فاصبِروا ﴾ يا معشر الكفار قال : وهذا قول الجماعة انتهى، وهذا القول بدأ به الزمخشري، فقال ﴿ فاصبروا ﴾ فتربصوا وانتظروا ﴿ حتى يحكم الله بيننا ﴾ أي بين الفريقين بأن ينصر المحقين على المبطلين ويظهرهم عليهم وهذا وعيد للكافرين بانتقام الله تعالى منهم لقوله تعالى
﴿ فتربصوا إنا معكم متربصون ﴾ انتهى.


الصفحة التالية
Icon