وَأَنْتَ تَرَى أَنَّ النَّتِيجَةَ أَدَلُّ مِنَ الْعَوْدِ عَلَى إِثْبَاتِ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مِلَّةِ قَوْمِهِمْ حَقِيقَةً، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ يَجْعَلُونَهُ تَغْلِيبًا لِاسْتِثْنَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَقُولُ بِنَاءً عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ عَدَّهُمْ إِيَّاهُ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ مَا يَعْبُدُونَ، وَيَفْعَلُ مِنَ التَّطْفِيفِ وَبَخْسِ النَّاسِ أَشْيَاءَهُمْ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ : إِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَشْمَلَهُ إِنْجَاءُ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ مِنْهَا، بِمَعْنَى إِنْجَائِهِ مِنَ الِانْتِمَاءِ إِلَى مِلَّةٍ مَا كَانَ يُؤْمِنُ بِعَقِيدَتِهَا، وَلَا يَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِهَا، وَلَا كَانَ يَهْتَدِي بِعَقْلِهِ وَرَأْيِهِ إِلَى مِلَّةٍ خَيْرٍ مِنْهَا، فَكَانَ مَوْقِفُهُ مَوْقِفَ الْحَيْرَةِ فِي شَأْنِهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي خِطَابِ النَّبِيِّ الْخَاتَمِ الْأَعْظَمِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٩٣ : ٧) وَتَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا (٤٢ : ٥٢) الْآيَةَ.


الصفحة التالية
Icon