بَاطِلَةٌ ضَارَّةٌ مُفْسِدَةٌ، وَمِلَّتَنَا هِيَ الْحَقُّ الَّتِي بِهَا صَلَاحُ النَّاسِ وَعُمْرَانُ الْأَرْضِ، وَالْمُوقِنُ لَا يَسْتَطِيعُ إِزَالَةَ يَقِينِهِ وَلَا تَغْيِيرَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِيَدِ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ سُبْحَانَهُ، وَرَهْنِ مَشِيئَتِهِ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا فَعِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ بِأَسْبَابِ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ مَا لَيْسَ عِنْدَكُمْ، وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَمَشِيئَتُهُ تَجْرِي بِحَسَبِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ فِي خَلْقِهِ، وَمِمَّا كَانَ يَعْلَمُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حِكْمَتِهِ تَعَالَى وَسُنَنِهِ فِي خَلْقِهِ أَنَّهُ يُقِيمُ حُجَّتَهُ بِأَهْلِ الْحَقِّ عَلَى أَهْلِ الْبَاطِلِ، وَيَنْصُرُهُمْ عَلَيْهِمْ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مَا دَامُوا نَاصِرِينَ لَهُ، وَقَائِمِينَ بِمَا هَدَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ : إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا تَطْمَعُوا إِذًا أَنْ يَشَاءَ رَبُّنَا الْحَفِيُّ بِنَا عَوْدَتَنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا بِفَضْلِهِ مِنْهَا، وَأَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَيْكُمْ بِنَا، وَمَا كَانَ تَعَالَى لِيُدْحِضَ حُجَّتَهُ وَيُبْطِلَ سُنَّتَهُ.
فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُوئِسٌ لِلْمَلَأِ مِنْ قَوْمِ شُعَيْبٍ مِنْ عَوْدَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ مَنْ آمَنَ مَعَهُ فِي مِلَّتِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَفَى وُقُوعَ الْعَوْدِ مِنْهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ نَفْيًا مُؤَكَّدًا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِمْ