وقال ابن عطية :
﴿ قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ ﴾
وتقدم القول في معنى ﴿ الملأ ﴾ ومعنى الاستكبار، وقولهم :﴿ لنخرجنك يا شعيب ﴾ تهديد بالنفي، والقرية المدينة الجامعة للناس لأنها تقرت أي اجتمعت، وقولهم أو ﴿ لتعودون في ملتنا ﴾ معناه أو لتصيرن، وعاد : تجيء في كلام العرب على وجهين. أحدهما عاد الشيء إلى حال قد كان فيها قبل ذلك، وهي على هذه الجهة لا تتعدى فإن عديت فبحرف، ومنه قول الشاعر :[ السريع ]
إن عادت العقرب عدنا لها... وكانت النعل لها حاضرة
ومنه قول الآخر :[ الطويل ]
ألا ليت أيام الشباب جديدُ... وعصراً تولّى يا بثين يعودُ
ومنه قوله تعالى :﴿ ولو ردوا لعادوا لما نهوا ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ] ومنه قول الشاعر :[ الطويل ]
فإن تكن الأيام أحسن مرة... إليّ فقد عادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ
والوجه الثاني أن تكون بمعنى صار وعاملة عملها ولا تتضمن أن الحال قد كانت متقدمة. ومن هذه قول الشاعر :[ البسيط ]
تلك المكارم لاقعبان من لبن... شيباً بماء فعادوا بعد أبوالا
ومنه قول الآخر :[ الرجز ]
وعاد رأسي كالثغامة... ومنه قوله تعالى :﴿ حتى عاد كالعرجون القديم ﴾ [ يس : ٣٩ ] على أن هذه محتملة، فقوله في الآية أو ﴿ لتعودن ﴾ و﴿ شعيب ﴾ عليه السلام لم يكن قط كافراً يقتضي أنها بمعنى صار، وأما في جهة المؤمنين بعد كفرهم فيترتب المعنى الآخر ويخرج عنه " شعيب " إلا أن يريدوا عودته إلى حال سكوته قبل أن يبعث، وقوله ﴿ أو لو كنا كارهين ﴾ توقيف منه لهم على شنعة المعصية وطلب أن يقروا بألسنتهم بإكراه المؤمنين بالله على الإخراج ظلماً وغشماً. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon