وقال ابن عطية :
﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة ﴾
و﴿ الرجفة ﴾ الزلزلة الشديدة التي ينال معها الإنسان اهتزاز وارتعاد واضطراب.
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن فرقة من قوم شعيب أهلكت ب ﴿ الرجفة ﴾ وفرقة بالظلة ويحتمل أن الظلة و﴿ الرجفة ﴾ كانتا في حين واحد، وروي أن الله تعالى بعث ﴿ شعيباً ﴾ إلى أهل مدين وإلى أصحاب الأيكة، وقيل هما طائفتان وقيل واحدة وكانوا مع كفرهم يبخسون الكيل والوزن فدعاهم فكذبوه فجرت بينهم هذه المقاولة المتقدمة، فلما عتوا وطالت بهم المدة فتح الله عليهم باباً من أبواب جهنم فأهلكهم الحر منه فلم ينفعهم ظل ولا ماء، ثم إنه بعث سحابة فيها ريح طيبة فوجدوا برد الريح وطيبها فتنادوا، عليكم الظلة، فلما اجتمعوا تحت الظلة وهي تلك السحابة انطبقت عليهم فأهلكتهم، قال الطبري : فبلغني أن رجلاً من أهل مدين يقال له عمرو بن جلهاء قال لما رأها :[ البسيط ]
يا قوم إن شعيباً مرسل فذروا... عنكم سميراً وعمران بن شداد
إني أرى غيمة يا قوم قد طلعت... تدعو بصوت على ضمّانه الواد
وإنه لن تروا فيها ضحاء غد... إلا الرقيم يمشّي بين انجاد
وسمير وعمران كاهناهم والرقيم كلبهم، وروي أن رسول الله ﷺ كان إذا ذكر " شعيباً " قال : ذلك خطيب الأنبياء لقوله لقومه :﴿ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ﴾ [ هود : ٨٨ ].
قال القاضي أبو محمد : يريد لحسن مراجعته وجميل تلطفه. وحكى الطبري عن أبي عبد الله البجلي أنه قال : أبو جاد وهو زوحطي وكلمن وصعفض وقرست أسماء ملوك مدين، وكان الملك يوم الظلة كلمن، فقالت أخته ترثيه :[ مجزوء الرمل ]
كلمن قد هد ركني... هلكه وسط المحله
سيد القوم اتساه... حتف نار وسط ظله
جعلت نار عليهم... دارهم كالمضمحله
قال القاضي أبو محمد : وهذه حكاية مظنون بها والله علم، وقد تقدم معنى ﴿ جاثمين ﴾. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾