وقال الآلوسى :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ﴾
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ ﴾ إشارة إجمالية إلى بيان أحوال سائر الأمم المذكورة تفصيلاً، وفيه تخويف لقريش وتحذير، ومن سيف خطيب جيء بها لتأكيد النفي، وفي الكلام حذف صفة نبي أي كذب أو كذبه أهلها ﴿ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا ﴾ استثناء مفرغ من أعم الأحوال ﴿ وَأَخَذْنَا ﴾ في موضع نصب على الحال من فاعل ﴿ أَرْسَلْنَا ﴾ وفي الرضى أن الماضي الواقع حالاً إلا إذا كان بعد إلا فاكتفاؤه بالضمير من دون الواو، وقد كثر نحو ما لقيته إلا أكرمني لأن دخول إلا في الأغلب الأكثر على الاسم فهو بتأويل الأمكر ما لي فصار كالمضارع المثبت وما في هذه الآية من هذا القبيل، وقد يجيء مع الواو وقد نحو ما لقيته إلا وقد أكرمني، ومع الواو وحدها نحو ما لقيته إلا أكرمني لأن الواو مع إلا تدخل في خبر المبتدأ فكيف بالحال ولم يسمع فيه قد من دون الواو، وقال المرادي في "شرح الألفية" إن الحال المصدرة بالماضي المثبت إذا كان تالياً لئلا يلزمها الضمير والخلو من الواو ويمتنع دخول قد وقول
متى يأت هذا الموت لم تلف حاجة...
لنفسي إلا قد قضيت قضاءها
نادر، وقد نصر على ذلك الأشموني وغيره أيضاً، والظاهر أن امتناع قد بعد إلا فيما ذكر إذا كان الماضي حالاً لا مطلقاً، وإلا فقد ذكر الشهاب أن الفعل الماضي لا يقع بعد إلا إلا بأحد شرطين إما تقدم فعل كما هنا.


الصفحة التالية
Icon