وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ أو لم يهد للذين ﴾
قرأ يعقوب "نَهِد" بالنون، وكذلك في [ طه : ١٢٨ ] و [ السجدة : ٢٦ ].
قال الزجاج : من قرأ بالياء، فالمعنى : أو لم يبيِّن الله لهم.
ومن قرأ بالنون، فالمعنى : أو لم نبيِّن.
وقوله تعالى :﴿ ونطبع ﴾ ليس بمحمول على "أصبناهم"، لأنه لو حمل على "أصبناهم" لكان : ولطبعنا.
وإنما المعنى : ونحن نطبع على قلوبهم.
ويجوز أن يكون محمولاً على الماضي، ولفظه لفظ المستقبل، كما قال :﴿ ان لو نشاء ﴾، والمعنى : لو شئنا.
وقال ابن الأنباري : يجوز أن يكون معطوفاً على : أصبنا، إذ كان بمعنى نُصيب ؛ فوضع الماضي في موضع المستقبل عند وضوح معنى الاستقبال، كما قال :﴿ تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك ﴾ [ الفرقان : ١٠ ] أي : إن يشأ، يدل عليه قوله :﴿ ويجعل لك قصوراً ﴾، قال الشاعر :
إنْ يَسْمَعُوا رِيْبِةً طارُوا بِهَا فَرَحاً...
مِنَّي، وَمَا سَمِعُوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا
أي : يدفنوا.
قوله تعالى :﴿ فهم لا يسمعون ﴾ أي : لا يقبلون، ومنه :"سمع الله لمن حمده"، قال الشاعر :
دَعَوْتُ الله حتَّى خِفْتُ أنْ لاَ...
يَكُوْنَ اللهُ يَسْمَعُ مَا أقُوْل. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ ﴾ أي يُبيِّن.
﴿ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض ﴾ يريد كفار مكة ومن حولهم.
﴿ أَصَبْنَاهُمْ ﴾ أي أخذناهم ﴿ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ أي بكفرهم وتكذيبهم.
﴿ وَنَطْبَعُ ﴾ أي ونحن نطبع ؛ فهو مستأنف.
وقيل : هو معطوف على أصبنا، أي نصيبهم ونطبع ؛ فوقع الماضي موقع المستقبل. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon