وهذا الذي قاله ابن الأنباري ردّه الزمخشري من جهة المعنى لكن بتقدير أن يكون ﴿ ونطبع ﴾ بمعنى طبعنا فيكون قد عطف المضارع على الماضي الذي هو جواب ﴿ لو نشاء ﴾ فجعله بمعنى نصيب فتأوّل المعطوف عليه وهو الجواب وردّه إلى المستقبل والزمخشري تأوّل المعطوف وردّه إلى المضي وأنتج ردّ الزمخشري أنّ كلا التقديرين لا يصحّ، قال الزمخشري :( فإن قلت ) : هل يجوز أن يكون ﴿ ونطبع ﴾ بمعنى طبعنا كما كان لو نشاء بمعنى لو شئنا ويعطف على ﴿ أصبناهم ﴾، { قلت ) : لا يساعد هذا المعنى لأنّ القوم كان مطبوعاً على قلوبهم موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذنوب والإصابة بها وهذا التفسير يؤدي إلى خلوهم عن هذه الصفة وأن الله تعالى لو شاء لاتصفوا بها انتهى هذا الردّ ظاهره الصحة وملخصة أنّ المعطوف على الجواب جواب سواء تأوّلنا المعطوف عليه أم المعطوف وجواب لو لم يقع بعد سواء كانت حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره أم بمعنى إن الشرطية والإصابة لم تقع والطبع على القلوب واقع فلا تصحّ أن يعطف على الجواب فإن تأوّل ﴿ ونطبع ﴾ على معنى ونستمر على الطبع على قلوبهم أمكن التعاطف لأنّ الاستمرار لم يقع بعد وإن كان الطبع قد وقع.
وقال أبو عبد الله الرازي : تقرير صاحب الكشاف على أقوى الوجوه هو ضعيف لأنّ كونه مطبوعاً عليه في الكفر لم يكن منافياً لصحة العطف وكان قد قرّر أن المعنى أو لم يبين للذين نبقيهم في الأرض بعد إهلاكنا من كان قبلهم فيها أن تهلكهم بعدهم وهو معنى قوله ﴿ أن لو نشاء ﴾ أصبناهم أي بعقاب ذنوبهم ﴿ ونطبع على قلوبهم ﴾ أي لم نهلكهم بالعذاب ﴿ نطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون ﴾ أي لا يقبلون ولا يتّعظون ولا ينزجرون وإنما قلنا إن المراد إما الإهلاك وإما الطّبع على القلب لأن الإهلاك لا يجتمع مع الطبع على القلب فإنه إذا أهلكه يستحيل أن يطبع على قلبه انتهى.