وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل ﴾
فيه خمسة أقوال.
أحدها : فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل بما سبق في علم الله أنهم يكذِّبون به يوم أقروا به بالميثاق حين أخرجهم من صلب آدم، هذا قول أُبيِّ بن كعب.
والثاني : فما كانوا ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذِّبوا به يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من صلب آدم، فآمنوا كرهاً حيث أقروا بالألسن، وأضمروا التكذيب، قاله ابن عباس، والسدي.
والثالث : فما كانوا لو رددناهم إلى الدنيا بعد موتهم ليؤمنوا بما كذَّبوا به من قبل هلاكهم، هذا قول مجاهد.
والرابع : فما كانوا ليؤمنوا بما كذَّب به أوائلهم من الأمم الخالية، بل شاركوهم في التكذيب، قاله يمان بن رباب.
والخامس : فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات والعجائب بما كذَّبوا قبل رؤيتها. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ تِلْكَ القرى ﴾
أي هذه القرى التي أهلكناها ؛ وهي قرى نُوحٍ وعادٍ ولُوطٍ وهُودٍ وشُعَيْب المتقدّمة الذكر.
﴿ نَقُصُّ ﴾ أي نتلو.
﴿ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا ﴾ أي من أخبارها.
وهي تسلية للنبيّ عليه السلام والمسلمين.
﴿ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ ﴾ أي فما كان أولئك الكفار ليؤمنوا بعد هلاكهم لو أحييناهم ؛ قاله مجاهد.
نظيره ﴿ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ ﴾ [ الأنعام : ٢٨ ].
وقال ابن عباس والرّبيع : كان في علم الله تعالى يوم أخذ عليهم الميثاق أنهم لا يؤمنون بالرسل.
﴿ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ ﴾ يريد يوم الميثاق حين أخرجهم من ظهر آدم فآمنوا كرهاً لا طوعاً.
قال السدي : آمنوا يوم أخذ عليهم الميثاق كرهاً فلم يكونوا ليؤمنوا الآن حقيقة.
وقيل : سألوا المعجزات، فلما رأوها ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل رؤية المعجزة.
نظيره ﴿ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ].
﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله على قُلُوبِ الكافرين ﴾ أي مثل طبعه على قلوب هؤلاء المذكورين كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين بمحمد صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾