كَمَا أَصَبْنَا أَمْثَالَهُمْ مِنْ قَبْلِهِمْ بِمِثْلِهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَعْطُوفٌ عَلَى (أَصَبْنَاهُمْ) لِأَنَّهُ بِمَعْنَى : نُصِيبُهُمْ ؛ إِذِ الْكَلَامُ فِي الَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ فِي الْعَصْرِ الْحَالِي أَوِ الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَيْسَ فِي قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ بِالْفِعْلِ، كَمَا ظَنَّ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَنَعُوا هَذَا الْعَطْفَ، وَقَالُوا : الْمَعْنَى، وَنَحْنُ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يَسْتَخْلِفُهُمُ اللهُ فِي الْأَرْضِ، وَيَرِثُونَ مَا كَانَ لِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْمُلْكِ وَالْمِلْكِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ، وَلَا يَكُونُوا مِنَ الْمُفْسِدِينَ الظَّالِمِينَ، وَلَا مِنَ الْمُتْرَفِينَ الْفَاسِقِينَ، وَأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الْمُحَتَّمِ عِقَابَ الْأُمَمِ عَلَى السَّيِّئَاتِ، وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ، فَلَمْ يَكُنْ مَا حَلَّ بِمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْمُصَادَفَاتِ، بَلْ هُوَ مِنَ السُّنَنِ الْمُطْرَدَةِ بِالْمَشِيئَةِ وَالِاخْتِيَارِ، فَلَا هَوَادَةَ فِيهِ وَلَا ظُلْمَ وَلَا مُحَابَاةَ، وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ فَرِيقَانِ : فَرِيقٌ يُصَابُ بِذَنْبِهِ فَيَتَّعِظُ وَيَتُوبُ إِلَى رَبِّهِ، وَفَرِيقٌ يُصِرُّ عَلَيْهِ حَتَّى يَطْبَعَ عَلَى قَلْبِهِ،