وقال الآلوسى :
﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى ﴾
الهمزة لانكار الواقع واستقباحه، وقيل : لانكار الوقوع ونفيه، وتعقب بأن ﴿ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله ﴾ [ الأعراف : ٩٩ ] الخ يأباه، والفاء للتعقيب مع السبب، والمراد بأهل القرى قيل : أهل القرى المذكورة على وضع المظهر موضع المضمر للإيذان بأن مدار التوبيخ أمن كل طائفة ما أتاهم من البأس لا أمن مجموع الأمم، وقيل : المراد بهم أهل مكة وما حواليها ممن بعث إليه نبينا ﷺ وهو الأولى عندي وإلى ذلك ذهب محيي السنة، والعطف على القولين على ﴿ فأخذناهم بَغْتَةً ﴾ [ الأعراف : ٩٥ ] لا على محذوف ويقدر بما يناسب المقام كما وقع نحو ذلك في القرآن كثيراً، وأمر صدارة الاستفهام سهل، وقوله سبحانه :﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ ﴾ [ الأعراف : ٩٦ ] الخ اعتراض توسط بينهما للمسارعة إلى بيان أن الأخذ المذكور مما كسبته أيديهم نظراً للأول ولأنه يؤيد ما ذكر من أن الأخذ بغتة ترتب على الإيمان والتقوى، ولو عكس لانعكس الأمر نظراً للثاني، ولو جعلت اللام فيما تقدم للجنس أكد هذا الاعتراض المعطوف والمعطوف عليها وشملهما شمولاً سواء على ما في الكشف ولم يجعل العطف على ﴿ فإخذناهم ﴾ [ الأعراف : ٩٦ ] الأقرب لأنه لم يسق لبيان القرى وقصة هلاكها قصداً كالذي قبله فكان العطف عليه دونه أنسب وهذا إذا أريد بالقرى القرى المدلول عليها بما سبق، وأما إذا أريد بها مكة وما حولها فوجه ذلك أظهر لأن منشأ الانكار ما أصاب الأمم السالفة لا ما أصاب أهل مكة ومن حولها من القحط وضيق الحال، وربما يقال : إذا كان المراد بأهل القرى في الموضعين أهل مكة وما حولها يكون العطف على الأقرب أنسب، والمعنى أبعد ذلك الأخذ لمن استكبر وتعزز وخالف الرسل عليهم السلام وشيوعه والعلم به يأمن أهل القرى المشاركون لهم في ذلك ﴿ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ﴾ أي عذابنا ﴿ بياتا ﴾ أي وقت بيات وهو مراد من قال ليلا، وهو مصدر بات ونصبه على


الصفحة التالية
Icon