وقال الخازن :
﴿ أفأمنوا مكر الله ﴾
يعني استدراجه إياهم بما أنعم عليهم من الدنيا وقيل : المراد به أن يأتيهم عذابه من حيث لا يشعرون، وعلى هذا الوجه فيكون بمعنى التحذير وسمي هذا العذاب مكراً لنزوله وهم في غفلة عنه لا يشعرون به ﴿ فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ﴾ يعني أنه لا يأمن أن يكون ما أعطاهم من النعمة مع كفرهم استدراجاً إلا من خسر في أخراه وهلك مع الهالكين. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ﴾
جاء العطف بالفاء وإسناد الفعل إلى الضمير لأن الجملة المعطوفة تكرير لقوله ﴿ أفأمن أهل القرى ﴾ ﴿ أو أمن ﴾ وتأكيد لمضمون ذلك فناسب إعادة الجملة مصحوبة بالفاء ومكر مصدر أضيف إلى الفاعل وهو استعارة لأخذه العبد من حيث لا يشعر، قال ابن عطية :﴿ ومكر الله ﴾ هي إضافة مخلوق إلى الخالق كما تقول ناقة الله وبيت الله والمراد فعل معاقب به مكر الكفرة وأضيف إلى الله لما كان عقوبة الذنب فإن العرب تسمى العقوبة على أي جهة كانت باسم الذنب الذي وقعت عليه العقوبة وهذا نص في قوله ﴿ ومكروا ومكر الله ﴾ انتهى، وقال عطية العوفي :﴿ مكر الله ﴾ عذابه وجزاؤه على مكرهم، وقيل مكره استدراجه بالنعمة والصحة وأخذه على غرّة وكرّر المكر مضافاً إلى الله تحقيقاً لوقوع جزاء المكر بهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله ﴾
تكريرٌ للنكير لزيادة التقريرِ، ومكرُ الله تعالى استعارةٌ لاستدراجه العبدَ وأخذِه من حيث لا يحتسب، والمرادُ به إتيانُ بأسِه تعالى في الوقتين المذكورين ولذلك عُطف الأولُ والثالثُ بالفاء فالإنكارُ فيهما متوجهٌ إلى ترتب الأمنِ على الأخذ المذكور، وأما الثاني فمن تتمة الأولِ ﴿ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون ﴾ أي الذين خسِروا أنفسَهم وأضاعوا فطرةَ الله التي فطرَ الناسَ عليها والاستعدادَ القريبَ المستفادَ من النظر في الآيات. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon