الْوَاوُ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ لِعَطْفِ الْجُمْلَةِ، وَمَا بَعْدَهَا إِلَى آخِرِ السِّيَاقِ الَّذِي وَضَعْنَا لَهُ الْعُنْوَانَ عَلَى مَجْمُوعِ مَا قَبَلَهُنَّ مِنَ الْقَصَصِ، لِمُشَارَكَتِهِ إِيَّاهُ فِي كَوْنِهِ حِكَمًا لَهُ وَعِبَرًا مُسْتَفَادَةً مِنْهُ، فَعَطْفُ الْجُمَلِ يَشْمَلُ الْكَثِيرَ مِنْهَا، كَالسِّيَاقِ بِرُمَّتِهِ، وَلَا وَجْهَ لِلْفَصْلِ هُنَا، وَالْقَرْيَةُ : الْمَدِينَةُ الْجَامِعَةُ لِزُعَمَاءِ الْأُمَّةِ وَرُؤَسَائِهَا الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا فِي عُرْفِ هَذَا الْعَصْرِ بِالْعَاصِمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مِرَارًا، وَكَانَ الْأَنْبِيَاءُ يُبْعَثُونَ فِي الْقُرَى الْجَامِعَةِ ؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْبِلَادِ تَتْبَعُ أَهْلَهَا إِذَا آمَنُوا، وَالْبَأْسَاءُ : الشِّدَّةُ وَالْمَشَقَّةُ كَالْحَرْبِ وَالْجَدْبِ وَشِدَّةِ الْفَقْرِ، وَالضَّرَّاءُ : مَا يَضُرُّ الْإِنْسَانَ فِي بَدَنِهِ أَوْ نَفْسِهِ أَوْ مَعِيشَتِهِ وَالْأَخْذِ بِهَا : جَعَلَهَا عِقَابًا، وَقَدْ تَكُونُ تَجْرِبَةً وَتَرْبِيَةً نَافِعَةً، وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ : وَلَقَدْ أَرْسَلَنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٦ : ٤٢) فَيُرَاجَعُ (فِي ص ٣٤٥ ج ٧ ط الْهَيْئَةِ) فَإِنَّهُ بِمَعْنَى مَا هُنَا، وَلَكِنَّ السِّيَاقَ مُخْتَلِفٌ، فَلَمَّا كَانَ مَا هُنَا قَدْ وَرَدَ عَقِبَ قَصَصِ طَائِفَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، جُعِلَ هَذَا الْمَعْنَى قَاعِدَةً كُلِّيَّةً وَسُنَّةً مُطَّرِدَةً فِي الرُّسُلِ مَعَ أَقْوَامِهِمْ لِيَعْتَبِرَ بِهِ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ أَوْ قَرَأَهُ فِي عَصْرِ التَّنْزِيلِ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَمَّا كَانَ مَا هُنَالِكَ قَدْ وَرَدَ فِي سِيَاقِ تَبْلِيغِ خَاتَمِ الرُّسُلِ


الصفحة التالية
Icon